منتديات مملكة البحرين الثقافيه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مملكة البحرين الثقافيه

جعفر عبد الكريم الخابوري


    صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 683
    تاريخ التسجيل : 27/07/2013

    صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري  Empty صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

    مُساهمة من طرف جعفر الخابوري الإثنين يونيو 12, 2023 2:06 pm

    بلاغةُ الحصـــان:
    يقول علماء الحفريات إن الحصان يعود إلى ستين مليون سنة، وأنه من سلالة واحدة هو والحمار. وظهر في آسيا الأوروبية. وهو من أواخر الحيوانات التي دجنت نظرا لسرعته وعنفه وشراسته. والعادة أن يخضع الحصان البري لفترة طويلة من الترويض حتى يستخدم. ومع ذلك لم يكن حيوانا مأمونا بعد الترويض إلى أن اخترع الصينيون في الألف الثاني قبل الميلاد الشكيمة ثم الركاب. يقال إنه دجن في القرن الخامس قبل الميلاد، ولكنه لم يكن شائعا. واستغرق شيوعه فترة طويلة جدا بسبب طبيعته الهوائية. وفي ذلك الزمن لم يكن مكرما بل كان يقرن مع الثور والحمار في الحراثة وجر العربات ورفع المياه ونقل المحاصيل. . . الخ
    في كل هذه الأعمال كان عاديا مثله مثل الحمار والثور. ولكن عندما لاحظوا سرعته الجنونية في جر العربات أو في الانطلاق براكبه حرا، استخدموه في أشياء جديدة كل الجدة، ومن هنا تأتي بلاغته الخاصة التي جعلت بلاغة سابقيه تعيش في ظل بلاغته. فقد استخدم في الحروب، وبالأخص في جر عربات القتال. صار أداة فعالة في الإغارة والسطو والغزو والسرقة. إن في مقدور الطفل أن يلحق بالحمار أو الثور الذي يحمل المسروقات، ولكن ليس بإمكان متسابقي الأوليمب أن يلاحقوا حصانا. إنه شرس وقح أحمق سريع الاستجابة، لا يفكر في الأمور كالحمار، ويرفس إذا مسته ريشة، ولا يكف عن الصهيل بداع وبغير داع. فيه خفة ورعونة، وفيه تبجح فيختال بلا مناسبة.
    من المعلومات التي وصلتنا عن الإله الروماني مارس، إله الحرب، يمكن معرفة التاريخ السابق للحصان، أو على وجه الدقة الاستخدام السابق للحصان. كان الرومان يقدمون الحصان قربانا لمارس، تمشيا مع تقليد عريق. فقد كانت الشعوب القديمة تقدم الحصان لمارس باعتباره ربَّ خصبٍ، وحامي الحقول من ناحية المحصول (فيما بعد صار الرب الروماني ترمينوس حامي الحقول كحدود مقدسة). ومن هنا كان الحصان مرتبطا بالحقل وليس بالحرب. ولكن عندما تحول مارس أو حول الرومان مارس إلى رب حرب، مهملين جانب الخصب في ألوهيته، إلى درجة أنها حذفت ولم يعد أحد يذكرها، تحول الحصان إلى قربان يرفع إلى رب الحرب. والأصح القول إن الحصان عندما استخدم في الحرب وتحول من حيوان مرتبط بالحقل إلى حيوان مرتبط بالميدان الدموي. . . تحول مارس إلى إله حرب، لا يشبع من الدماء.
    دشن الحصان عهد الحروب البشرية وأضاف إلى الملكية الخاصة ملكية أخرى هي ملكية الدولة الناجمة عن الاستيلاء على أرض الغير مما أشاع ملكية العبيد، إلى جانب إلحاق الأرض بالإمبراطورية بعد الانتقال من المرحلة القبلية وحكومة الدولة/المدينة. صارت الحرب بابا كبيرا جدا للربح الضخم، ولذلك انطلقت غريزة العدوان بعد الحصان لا تعرف حدا. فكل غزو يجدد غريزة العدوان من أجل المزيد من التملك. لقد أسفر الغزو عن ملكية الكثير من الأراضي والبلدان والأسرى والعبيد والسراري والذهب وكل ثروات الشعوب الخاضعة. إن ما يحصل عليه المحارب في غزوة واحدة يعادل عشرات أضعاف ما يحصل عـليه مواطن ناجح في عمـله لـو كـتب له أن يعـيش مئات السنين. وقد اندفع إلى الحرب كل المعدومين والمنبوذين، وانضووا تحت لواء هذا القائد أو هذه الأسرة أو هذه الدولة. قبل الحصان لم تكن ملكية العبيد والشعوب وإلحاق الأراضي معروفة.
    خلق الحصان تراتبية جديدة من دولة وملك ووزراء وقادة وجيش. . . الخ وأخذ الكهنوت ينتقل من النساء إلى الرجال. بيثيا وسيبيل هما آخر الكاهنات. بعدهما لم نسمع إلا بالكهنة. إن الحصان هو صاحب أكبر ثورة في البلاغة، غيرت وجه التاريخ جذريا. إن ثورته في البلاغة أقوى مما يبدو لنا اليوم في بلاغة العولمة. واندفع الملوك وراء الخيل حتى إذا أتموا الاستعداد لغزوة قاموا بها، حتى رسخ في اعتقادهم أن الخيل تجلب الخير دائما. فهي التي تجلب المجد والسؤدد والكرامة وتخضع كل من لا يستطيع الوقوف في وجهها. إن الحصان هو "السلاح الذري" للعالم القديم. والإمبراطورية التي تمتلك العدد الأضخم هي التي تفرض إرادتها على بقية الأمم التي ليس لها سوى خيارين: الخضوع أو الحرب. ويستمر الغزو ويتخذ طابعا عالميا، فلم نسمع بدولة خيل رضيت بحدودها. وعندما يتوقف التوسع، فإن الدولة تعاني من نقص في عدد الخيل. وكثر مربو الخيل كثرة هائلة في الإمبراطوريات القديمة كآشور وفارس وروما. . . وغيرها من الإمبراطوريات التي تقوم على الفتح والغزو

    * حنا عبود: (البلاغة من الابتهال إلى العولمة)
    #حناعبود

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 3:23 pm