الدولة العميقة وميراث الربيع العربي
حيدر الجراح
شبكة النبأ: في نهايات العام 2002 وقبل الحرب الاخيرة على العراق، انتشرت على الشبكة العنكبوتية عدة وثائق وزعها النظام السابق على القيادات البعثية والتي تتمحور حول كيفية العمل ضد القوات الامريكية في حالة احتلالها العراق.
كانت الوثائق تحث المنتمين الى حزب البعث، واجهزة الامن والمخابرات، وفدائيي صدام على افتعال الحرائق في المؤسسات الحكومية، وضرب اجهزة الطاقة الكهربائية ومحطات المياه، وجميع الوزارات والدوائر في البلاد، لغرض احداث حالة من الفوضى والارباك في المشهد العراقي العام.
بعد العام 2003 شاهدنا الكثير من تلك التعليمات تتحقق على ارض الواقع، وكانت السنة النيران تتعالى في السماء من كل مكان وفي كل زاوية، ولم تسلم من عمليات الاحراق او الفرهود، بصيغته العفوية او الممنهجة، الا وزارة النفط التي سارع الامريكان الى فرض طوق محكم عليها.
كانت التصريحات من الجانب الامريكي والعراقي تسارع الى اتهام البعثيين والصداميين بتلك الاحداث، قبل ان تضاف جهات اخرى في سلسلة الاتهامات بعد تطور الاحداث وتعدد الفاعلين في المشهد السياسي العراقي.
كان الراي العام العراقي يصدق تلك الاتهامات في كثير من مواردها، رغم الاختلاف على التحليل او التوصيف الدقيق لما يحدث.
بعد اعوام من ذلك، انشغل العراقيون بمتابعة المسلسل التركي المدبلج (وادي الذئاب) باجزائه العديدة، واشتهر في الاوساط العراقية بطله (مراد علم دار) واحتوى على الكثير من الاحداث التي ترتبط بالعراق وخلفياتها المخابراتية، كان الاعتقاد السائد وقت عرض المسلسل ان هناك فعلا جهات مخابراتية عراقية وعربية واجنبية هي وراء كل ماحدث ويحدث في العراق من اجل العودة الى نظام الحكم السابق.
طيلة السنوات الماضية وحتى الان، ورغم توجيه الاتهامات الى البعثيين والصداميين في ماحدث ويحدث، الا ان الاعلام العراقي لم يتفق على تسمية واحدة متفق عليها لجميع ماحدث، وهو الذي عرف في تركيا منذ السبعينات، وفي مصر بعد ثورتها بمصطلح (الدولة العميقة).
ماهي الدولة العميقة؟
أنها مجموعة من التحالفات النافذة والمناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسي التركي، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات (المحلية والأجنبية)، والقوات المسلحة التركية والأمن والقضاء والمافيا.
الأجندة السياسية للدولة العميقة تتضمن الولاء للقومية والنقابوية، ومصالح الدولة. العنف ووسائل الضغط الأخرى قد تم توظيفها تاريخيًا بطريقة خفية في الأغلب للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية لضمان تحقيق مصالح معينة ضمن الاطار الديمقراطي ظاهريًا لخريطة القوى السياسية.
أحد التفسيرات هو أن ”الدولة العميقة“ ليست تحالفًا، بل إنها مجموع عدة مجموعات تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس، كل منها يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة بها.
الاعتقاد التركي بالدولة العميقة هو ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام، ويبدو أنها مبنية على تجميعة من الحقائق ونظريات مؤامرة. فالعديد من الأتراك، بما فيهم سياسيون منتخبون، قد صرحوا بإيمانهم بأن (الدولة العميقة) موجودة.
روبرت فيسك الصحفي الامريكي المعروف يحلو له تسمية (أرجنكون)، أو حكومة الظل للاشارة الى الدولة العميقة، إنّها فكرة، إنّها قوّة، إنّها أدوات حكم، إنّها قوّة مضادّة، إنّها دولة داخل الدولة، هي ليست حكرا على تركيا مثلما نشأت فيها، ولكن شواهدها توجد في تفاصيل المشهد السياسي في مصر كما في تونس وليبيا واليمن وحتى في سوريا رغم ضبابية المشهد حاليا.
وحول تسمية (أرجنكون) تقول الأسطورة بأنه واد عميق احتمى به من تبقّى من قبائل الأتراك في موطنهم الأصلي في وسط آسيا، بعد أن هاجمهم الصينيون فقتّلوهم وصلّبوهم، وبعد سنوات من الاختفاء والتكاثر، خرج الأتراك إلى العلن ليقيموا دولتهم الكبرى، وأصبح (أرجنكون) يمثّل للأتراك رمز الحفاظ على الهويّة واستمرار الجنس التركي.
أول من أشار علنًا لوجود تحالف سري ذي نفوذ كان رئيس الوزراء بولنت أجاويد، في العام1974. الرئيس السابق والجنرال كنعان إڤرن، الذي قاد الانقلاب العسكري في 1980 وصف الدولة العميقة كمرادف للقوات المسلحة،وقادرة على اخضاع الدولة الشرعية في أوقات الاضطرابات. وقد أكد كنعان إڤرن نفسه الشكوك، في لقاء مع الصحفي ياڤوز دونات.
أحدث الاتهامات تأتي من رئيس الوزراء الحالي، رجب طيب إردوغان. ففي البرنامج التلفزيوني İskele Sancak على المحطة التلفزيونية التركية قنال 7 في 26 يناير 2007، أعرب عن اعتقاده بوجود الدولة العميقة: (أنا لا أتفق مع من يقول أن الدولة العميقة غير موجودة. فإنها موجودة. لقد كانت موجودة دومًا - ولم تبدأ مع الجمهورية؛ فإنها تعود إلى الأزمنة العثمانية. إنها ببساطة تقليد. إنه من الواجب تقليلها، ولو أمكن مسحها من الوجود).
في مصر خرج الحديث عن الدولة العميقة مبكرا بعد الثورة، وقد تحدث الدكتور محمد عبد اللاه السياسي المصري في حوار مع «الشرق الأوسط» يوم 4 حزيران2012 العدد 12272 عن مصطلح الدولة العميقة، الذي ظهر في مصر في الفترة الأخيرة، وقال إن مفهوم الدولة العميقة هو محافظة مصر على خصوصيتها الثقافية والحضارية، كما اعتادت، من حيث الثبات والتوحد والاستقرار، مهما مرت عليها من تجارب ومهما تغيرت الظروف السياسية.
لكن اخرين من الكتاب او السياسيين يرون ان الدولة العميقة قد تخلصت من حسني مبارك، لكنّها تشبهه، فهو صاحب عصور الانحطاط التي تحوّلت فيها مصر الى مقبرة كلّ أفكار الانسانية وقيمها، وأنه قد تَمّت التضحية بمبارك وبعض رجاله ولكن مؤسسات القمع والفساد لا تزال كما هي، والدولة العميقة في مصر حسب هؤلاء هي مؤسسات غير مرئية، تدير الدولة من الأسفل، بعيداً عن سلطات الرئيس او الحكومة او البرلمان. او ما بات يعرف بالواقعية السائدة.
اشار المصريون الى ان الدولة العميقة قد برزت فى أكثر من شكل:
دولة المؤسسة العسكرية - دولة الأجهزة الأمنية - الدولة البيروقراطية - دولة التحالفات الاجتماعية والمصالح الخاصة والاحتكار السياسى - دولة رجال الأعمال ورجال الإعلام الفاسدين المفسدين - دولة الثقافة الفاسدة.
ويقول الخبير الأمنى العميد حسين حمودة رئيس وحدة الأزمات والتنبؤ بجهاز أمن الدولة السابق: أكبر نموذج للدولة العميقة تجسد فى الحالة التركية نتيجة الصراع الذى دام طويلا فى العقود الثلاثة الماضية بين العسكر الذين كانوا حماة الدستور وبين نظام الدولة المدنية لدرجة أنهم أقالوا حكومة نجم الدين أربكان ثم جاء رجب طيب أردوجان ثم تم تقليم أظافر العسكر وتحولوا إلى قوة تحمى البلد ولا تحمى النظام القديم ولكن فى مصر الوضع مختلف كثيرا وله خصوصية فمنذ 7 آلاف عام كان الحاكم الإله هو نفسه قائد الجيش فكان الحاكم دائما إله أو نصف إله وهو نفسه على رأس الجيش فهناك إذن تجسيد عقائدى وتاريخى لهذا المفهوم. وتقوم الدولة العميقة فى مصر على تضافر بين أهل السلطة وأهل الثروة وأهل الأمن ومن الطريف أن الدول الخمس التى شهدت الربيع العربى كان بها هذا التضافر الغريب بين هذه القوى الثلاثة ولهذا شهدت جميعا قيام ثورات وهذه الضفيرة الثلاثية بين السلطة والثروة والأمن تجعلهم حريصون على بقاء النظام ففى بقاءه ضمان لبقاءهم فهناك وحدة فى المصير بينهم ويتضامن مع هؤلاء فى تشكيل الدولة العميقة طبقة العمد والمشايخ والأعيان وهى الطبقة التى ظهرت عام 1821 فى عهد محمد على باشا وهؤلاء على مر العقود لهم علاقات ممتدة مع النظام السياسى.
ويرى الكاتب أيمن الصياد رئيس تحرير مجلة وجهات نظر أن مفهوم الدولة العميقة ينطبق على الحالة المصرية القائمة الآن فهى تقف كحجر عثرة فى تحقيق الثورة لأهدافها من خلال افتعال الأزمات والمشكلات الحياتية اليومية وتتكون هذه الدولة العميقة فى مصر من خلال الجهاز الإدارى للدولة وشبكة المصالح المترابطة التى دفعت بأموال طائلة لصالح المرشح احمد شفيق من أجل أن تحافظ على امتيازاتها ومكتسباتها وهذه الدولة العميقة تقف وراء الانفلات الأمنى وأزمات الطاقة فى مصر الآن.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تموز/2013 - 12/رمضان/1434
حيدر الجراح
شبكة النبأ: في نهايات العام 2002 وقبل الحرب الاخيرة على العراق، انتشرت على الشبكة العنكبوتية عدة وثائق وزعها النظام السابق على القيادات البعثية والتي تتمحور حول كيفية العمل ضد القوات الامريكية في حالة احتلالها العراق.
كانت الوثائق تحث المنتمين الى حزب البعث، واجهزة الامن والمخابرات، وفدائيي صدام على افتعال الحرائق في المؤسسات الحكومية، وضرب اجهزة الطاقة الكهربائية ومحطات المياه، وجميع الوزارات والدوائر في البلاد، لغرض احداث حالة من الفوضى والارباك في المشهد العراقي العام.
بعد العام 2003 شاهدنا الكثير من تلك التعليمات تتحقق على ارض الواقع، وكانت السنة النيران تتعالى في السماء من كل مكان وفي كل زاوية، ولم تسلم من عمليات الاحراق او الفرهود، بصيغته العفوية او الممنهجة، الا وزارة النفط التي سارع الامريكان الى فرض طوق محكم عليها.
كانت التصريحات من الجانب الامريكي والعراقي تسارع الى اتهام البعثيين والصداميين بتلك الاحداث، قبل ان تضاف جهات اخرى في سلسلة الاتهامات بعد تطور الاحداث وتعدد الفاعلين في المشهد السياسي العراقي.
كان الراي العام العراقي يصدق تلك الاتهامات في كثير من مواردها، رغم الاختلاف على التحليل او التوصيف الدقيق لما يحدث.
بعد اعوام من ذلك، انشغل العراقيون بمتابعة المسلسل التركي المدبلج (وادي الذئاب) باجزائه العديدة، واشتهر في الاوساط العراقية بطله (مراد علم دار) واحتوى على الكثير من الاحداث التي ترتبط بالعراق وخلفياتها المخابراتية، كان الاعتقاد السائد وقت عرض المسلسل ان هناك فعلا جهات مخابراتية عراقية وعربية واجنبية هي وراء كل ماحدث ويحدث في العراق من اجل العودة الى نظام الحكم السابق.
طيلة السنوات الماضية وحتى الان، ورغم توجيه الاتهامات الى البعثيين والصداميين في ماحدث ويحدث، الا ان الاعلام العراقي لم يتفق على تسمية واحدة متفق عليها لجميع ماحدث، وهو الذي عرف في تركيا منذ السبعينات، وفي مصر بعد ثورتها بمصطلح (الدولة العميقة).
ماهي الدولة العميقة؟
أنها مجموعة من التحالفات النافذة والمناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسي التركي، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات (المحلية والأجنبية)، والقوات المسلحة التركية والأمن والقضاء والمافيا.
الأجندة السياسية للدولة العميقة تتضمن الولاء للقومية والنقابوية، ومصالح الدولة. العنف ووسائل الضغط الأخرى قد تم توظيفها تاريخيًا بطريقة خفية في الأغلب للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية لضمان تحقيق مصالح معينة ضمن الاطار الديمقراطي ظاهريًا لخريطة القوى السياسية.
أحد التفسيرات هو أن ”الدولة العميقة“ ليست تحالفًا، بل إنها مجموع عدة مجموعات تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس، كل منها يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة بها.
الاعتقاد التركي بالدولة العميقة هو ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام، ويبدو أنها مبنية على تجميعة من الحقائق ونظريات مؤامرة. فالعديد من الأتراك، بما فيهم سياسيون منتخبون، قد صرحوا بإيمانهم بأن (الدولة العميقة) موجودة.
روبرت فيسك الصحفي الامريكي المعروف يحلو له تسمية (أرجنكون)، أو حكومة الظل للاشارة الى الدولة العميقة، إنّها فكرة، إنّها قوّة، إنّها أدوات حكم، إنّها قوّة مضادّة، إنّها دولة داخل الدولة، هي ليست حكرا على تركيا مثلما نشأت فيها، ولكن شواهدها توجد في تفاصيل المشهد السياسي في مصر كما في تونس وليبيا واليمن وحتى في سوريا رغم ضبابية المشهد حاليا.
وحول تسمية (أرجنكون) تقول الأسطورة بأنه واد عميق احتمى به من تبقّى من قبائل الأتراك في موطنهم الأصلي في وسط آسيا، بعد أن هاجمهم الصينيون فقتّلوهم وصلّبوهم، وبعد سنوات من الاختفاء والتكاثر، خرج الأتراك إلى العلن ليقيموا دولتهم الكبرى، وأصبح (أرجنكون) يمثّل للأتراك رمز الحفاظ على الهويّة واستمرار الجنس التركي.
أول من أشار علنًا لوجود تحالف سري ذي نفوذ كان رئيس الوزراء بولنت أجاويد، في العام1974. الرئيس السابق والجنرال كنعان إڤرن، الذي قاد الانقلاب العسكري في 1980 وصف الدولة العميقة كمرادف للقوات المسلحة،وقادرة على اخضاع الدولة الشرعية في أوقات الاضطرابات. وقد أكد كنعان إڤرن نفسه الشكوك، في لقاء مع الصحفي ياڤوز دونات.
أحدث الاتهامات تأتي من رئيس الوزراء الحالي، رجب طيب إردوغان. ففي البرنامج التلفزيوني İskele Sancak على المحطة التلفزيونية التركية قنال 7 في 26 يناير 2007، أعرب عن اعتقاده بوجود الدولة العميقة: (أنا لا أتفق مع من يقول أن الدولة العميقة غير موجودة. فإنها موجودة. لقد كانت موجودة دومًا - ولم تبدأ مع الجمهورية؛ فإنها تعود إلى الأزمنة العثمانية. إنها ببساطة تقليد. إنه من الواجب تقليلها، ولو أمكن مسحها من الوجود).
في مصر خرج الحديث عن الدولة العميقة مبكرا بعد الثورة، وقد تحدث الدكتور محمد عبد اللاه السياسي المصري في حوار مع «الشرق الأوسط» يوم 4 حزيران2012 العدد 12272 عن مصطلح الدولة العميقة، الذي ظهر في مصر في الفترة الأخيرة، وقال إن مفهوم الدولة العميقة هو محافظة مصر على خصوصيتها الثقافية والحضارية، كما اعتادت، من حيث الثبات والتوحد والاستقرار، مهما مرت عليها من تجارب ومهما تغيرت الظروف السياسية.
لكن اخرين من الكتاب او السياسيين يرون ان الدولة العميقة قد تخلصت من حسني مبارك، لكنّها تشبهه، فهو صاحب عصور الانحطاط التي تحوّلت فيها مصر الى مقبرة كلّ أفكار الانسانية وقيمها، وأنه قد تَمّت التضحية بمبارك وبعض رجاله ولكن مؤسسات القمع والفساد لا تزال كما هي، والدولة العميقة في مصر حسب هؤلاء هي مؤسسات غير مرئية، تدير الدولة من الأسفل، بعيداً عن سلطات الرئيس او الحكومة او البرلمان. او ما بات يعرف بالواقعية السائدة.
اشار المصريون الى ان الدولة العميقة قد برزت فى أكثر من شكل:
دولة المؤسسة العسكرية - دولة الأجهزة الأمنية - الدولة البيروقراطية - دولة التحالفات الاجتماعية والمصالح الخاصة والاحتكار السياسى - دولة رجال الأعمال ورجال الإعلام الفاسدين المفسدين - دولة الثقافة الفاسدة.
ويقول الخبير الأمنى العميد حسين حمودة رئيس وحدة الأزمات والتنبؤ بجهاز أمن الدولة السابق: أكبر نموذج للدولة العميقة تجسد فى الحالة التركية نتيجة الصراع الذى دام طويلا فى العقود الثلاثة الماضية بين العسكر الذين كانوا حماة الدستور وبين نظام الدولة المدنية لدرجة أنهم أقالوا حكومة نجم الدين أربكان ثم جاء رجب طيب أردوجان ثم تم تقليم أظافر العسكر وتحولوا إلى قوة تحمى البلد ولا تحمى النظام القديم ولكن فى مصر الوضع مختلف كثيرا وله خصوصية فمنذ 7 آلاف عام كان الحاكم الإله هو نفسه قائد الجيش فكان الحاكم دائما إله أو نصف إله وهو نفسه على رأس الجيش فهناك إذن تجسيد عقائدى وتاريخى لهذا المفهوم. وتقوم الدولة العميقة فى مصر على تضافر بين أهل السلطة وأهل الثروة وأهل الأمن ومن الطريف أن الدول الخمس التى شهدت الربيع العربى كان بها هذا التضافر الغريب بين هذه القوى الثلاثة ولهذا شهدت جميعا قيام ثورات وهذه الضفيرة الثلاثية بين السلطة والثروة والأمن تجعلهم حريصون على بقاء النظام ففى بقاءه ضمان لبقاءهم فهناك وحدة فى المصير بينهم ويتضامن مع هؤلاء فى تشكيل الدولة العميقة طبقة العمد والمشايخ والأعيان وهى الطبقة التى ظهرت عام 1821 فى عهد محمد على باشا وهؤلاء على مر العقود لهم علاقات ممتدة مع النظام السياسى.
ويرى الكاتب أيمن الصياد رئيس تحرير مجلة وجهات نظر أن مفهوم الدولة العميقة ينطبق على الحالة المصرية القائمة الآن فهى تقف كحجر عثرة فى تحقيق الثورة لأهدافها من خلال افتعال الأزمات والمشكلات الحياتية اليومية وتتكون هذه الدولة العميقة فى مصر من خلال الجهاز الإدارى للدولة وشبكة المصالح المترابطة التى دفعت بأموال طائلة لصالح المرشح احمد شفيق من أجل أن تحافظ على امتيازاتها ومكتسباتها وهذه الدولة العميقة تقف وراء الانفلات الأمنى وأزمات الطاقة فى مصر الآن.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تموز/2013 - 12/رمضان/1434