منتديات مملكة البحرين الثقافيه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مملكة البحرين الثقافيه

جعفر عبد الكريم الخابوري


    صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 742
    تاريخ التسجيل : 27/07/2013

    صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري  Empty صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

    مُساهمة من طرف جعفر الخابوري الإثنين يونيو 12, 2023 2:44 am

    انظروا إلى تلك اللبؤة
    من الواضح أنها تترصد ذلك الحمار الوحشي البائس، الذي يتناول غداءه مطمئنا، ولأنني–مثلكم– يؤسفني أمره إذ لا يفصله عن الموت سوى طرفة عين؛ فما رأيكم يا أصدقائي في أن أجرى حوارا مع تلك اللبؤة ؟! ولربما استطعتُ إنقاذ ذلك الحيوان المسكين بعد أن أقنعها بكلامي وأحاججها، أجل سأنجح، إذا هي رضيت بأن تحاورني ولم تخشَ تغلبي عليها طبعا، فهلموا معي أيها العاشبون الطيبون، واسمحوا لي بأن أتحدث باسمكم فثقوا بي.
    لنبدأ...

    -مرحبا أيتها اللبؤة... يا أُمَّ فِراس! أنا أُكلِّمك، أتسمعينني؟

    -اششش...! أسمعُك أسمعُك، ولكن خَفِّض من صوتك..
    -ما الذي تفعلينه ؟ تبدين مختبئة من شيء ما..! أهي لعبة؟!
    - هه! لعبة؟! ألا ترى أنني في المرحلة ما قُبَيلَ الأخيرة من الصيد؟! لم يبق إلا الانقضاض.
    - هكذا إذن، وما الذي تنوين صيده؟!
    - ذاك المخطط السمين الذي يتمرغ فوق العشب... هناك، ألا تراه!
    انظر إلى طول أذنيه، لا شك أنهما تلتقطان صوت حديثنا، من الأفضل لك الابتعاد، فأنا لم أتناول شيئا منذ أيام وأكره أن تفلت مني فريستي هذه..

    - هكذا إذن...! وماذا لو أخبرتُك أن ذلك المخطط الذي تتربصين به أنثى، ولديها صغير ينتظر أن تُشبع حاجتها من الطعام، فيُشبع حاجته من لبنها، هل ستتركينها تذهب؟!
    -هذا ماكان ينقصني! من يضيع وقتي بشبه محاضرة سخيفة!
    وماذا عن أشبالي التي تركتها تنتظر عودتي مع ما يسد رمقها؟
    أم تظنًُ بجهلك أن الفرائس كانت ستمتنع عن تناول العشب لو كان للعشب أبناء أيها الحاذق؟!
    تركتُ صغاري في إحدي الأجمات، وهم يتضورون جوعا، قد كبروا بحيث لم يعد الحليب يلبي حاجتهم، فهل يرضيك أن أتركهم فيهلكوا ؟

    - بالطبع لا، ولكن! أليس من الأفضل لك أن تبحثي عن فريسة أخري ؟ فريسة ليس لديها صغار تفجعينهم بافتراسها، معرضة إياهم للخطر، فريسة وحيدة، فلا يشكل موتها خطرا على أحد، ولايحزن لفراقها أحد، أنا أقترح فقط...

    - اسمع، إليك عني وإلا قلتُ إنك تصف نفسك بدقة ، ثم... اُنظر إليك، أنت تبدو مكتنزا بعض الشيء، مارأيك في أن تلقي نظرة داخل معدتي..ومعدات صغاري؟! سيسرنا ذلك كثيرا..

    -لا بالطبع، لا حاجة لذلك، أنا أعتذر لتدخلي... هيا انسي ما قلته من دعابة، وركزي على فريستك قبل أن تهرب، فصغارك ينتظرون،

    -يا لنبلك ! ولكن هذا أفضل، والآن سأهجم، عليك أن تصمت قليلا... ها نحن ذا...!

    (يا لها من سرعة خاطفة يا رفاق، وجدَ ذلك الحمار عنقه بين فكي هذه اللبؤة، قبل حتى أن يدرك ما حدث، لا أصدق أنني كدت أن أجعل من نفسي فريسة بدلا منه بثرثرتي...)

    -ما الذي تقوله...؟

    -لا شيء مهم، يجب استرداد نفسكِ سريعّا والتعجيل في تناول صيدك،
    فالضباع المتطفلة في الأرجاء تقودها رائحة الدم الطازج،
    دون أن ننسى الأسد، فسيستولي على كل شيء إن ظهر.

    -أما الأسد( مهجة الفؤاد) فيستحق أجود مافي الفريسة، وكل ما تشتهيه نفسه نفسي فدته، وربما ستعلم لماذا بعد قليل..!
    أما عن تلك الضباع الوضيعة،
    فلولا أنها تهاجم في جماعات...
    -هكذا طبعهم، لن يجرؤوا فرادى على المواجهة، ها هم أولاء يقتربون منك شيئا فشيئا، ويتراجعون بحذر ..يحيطون بك، ويزعجونك بأصواتهم الصاخبة، المفتعلة خصيصا لجعلك تنسحبين، افعلي شيئا...
    لحظة... !! ولكن ما خطبهم ينسلّون تباعًا وذيولهم خلف أرجلهم لا يلوون على شيء ؟ ما الذي أفزعهم؟! وما ذاك الشيء في الأفق؟
    غبار كثيف تحته ما يبدو أنه... أجل، إنه هو...! هكذا إذن! لقد أتى، يا لهيبته...
    حقا يستحق أجود ما في الفريسة، أنت بأمان الآن، لم يبق ضبع واحد في المكان.

    -وأخيرا قد وصل، في الوقت المناسب، نعم أنا بأمان الآن، ولكن أتساءل بشأنك أنت..
    -ماذا تعنين؟
    -أعني أن الأسد عند وصوله إلينا سيغير ملامحك بالكامل، هذا إن نجوت، فانصرف واكتف بما دار بيننا من حديث ..
    وقبل ذلك أرجو أن تسأل كل من يرأف مثلك بالفرائس حين تقع في قبضتنا، ويتمنى دائما أن تفلت منا حين يشاهد فلما وثائقيا عنا "أنا أعلم ذلك" هذا السؤال:
    ( إذا كنا معشر الضواري خُلقنا و في طبيعتنا أكل اللحم و لاشيء سواه، فكيف بكم أنتم أيها البشر يا من تأتون على الأخضر واليابس، أن لا تستثنوا اللحم من طعامكم المتنوع؟! كيف لا تصبرون عنه..؟ أم تحسبون بطيبتكم الزائدة أن ماتأكلونه من لحوم، صادر عن حيوانات مقطوفة من الأشجار! ليس لها فرد من عائلة!)

    - نحن؟ ولكننا...
    - أجل أنتم، بل إن هناك إشاعة عنكم تقول : بأن من لم يأكل من البشر لحما لمدة أربعين يوما، فسيصاب بشيء من الجنون، وأحسبك وصلت إلى هذه المدة دون تذوقه، وليس وقوفك أمام لبؤة مكتملة النمو دون أن ترتعد فرائصك، سوى تأكيد على صحة تلك الإشاعة،
    ثم إنني لم أتطرق بعد للمجازر التي يقوم بها بعضكم ضد بعض...

    -.......
    -مابالك صامت لا ترد ؟
    - لا أدرى ، ربما أكل الشبل لساني..😶
    اسمعي، بالطبع لدي رد لكل ماقلتِه، ولكن الأسد وصل، أحمد الله أن الفريسة شغلته عني، وإلا لكنت مكانها..
    علي الابتعاد الآن، اعتني بنفسك..
    -هيا هيا مع السلامة، ولاتحاور لبؤة بعد اليوم ..

    (كنت سأتغلب عليها كما أخبرتكم يا أصدقاء، لكن الأسد أفسد الأمر ، أليس كذلك ؟!
    حسنا حسنا، لقد فعلتُ ما بوسعي على الأقل، لا تنسوا أن اللبؤة كانت بارعة في الرد براعتَها في الصيد، وقد كانت مصيبة في كل ما قالته، وفي أنفسنا فلننظر ونتمعن ).
    أشرف محمد خالد

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة سبتمبر 20, 2024 6:25 pm