تمزّق المعارضة ونزيف الجرح السوري
شبكة النبأ: المأساة الانسانية المريعة في سوريا، من إزهاق أرواح حوالي مائة ألف إنسان، وتشريد حوالي خمسة ملايين آخرين داخل وخارج البلاد، ودمار هائل للبيوت والمحال التجارية والمدارس والمستشفيات. هذه الصورة المصغّرة جداً من المشهد المأساوي السوري، كان أحد نوافذ إعلام المعارضة في الخارج، ومن المآخذ على سياسات النظام الحاكم في سوريا، بأنه السبب في استمرار الحرب والنزاع المسلح، بدعوى عدم تحقيق "مطالب الشعب" بالتغيير الشامل لنظام الحكم، حسب خطابهم الإعلامي والسياسي.
بيد أن المعطيات الأخيرة للأوضاع السورية، يدلنا الى ان هذه المعارضة، في جناحيها العسكري والسياسي، هي المتهمة اليوم بتكريس واقع المحنة والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري، لاسباب باتت واضحة للقاصي والداني، ابرزها الفشل الذريع في تحديد قمة الهرم القيادي للمعارضة السياسية، وهو ما انعكس سلباً وبشكل كبير على المكانة المفترضة لها في الاوساط الدولية والمنظمات الانسانية، ثم جاءت الجرائم المهولة التي ارتكبتها فصائل ارهابية دموية في مناطق متعددة من سوريا، هزّت بعنف صورة المعارضة في العالم، ولوثتها بالدماء والأشلاء المقطعة. وفي الوقت الحاضر، نرى الوضع الانساني في حالة حرجة في عدة مدن، في مقدمتها مدينة حلب التي تعيش حالياً تحت وطأة الحصار، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خبز ولا وقود، إلا ما ندر. الامر الذي يدفع المراقبين للاعتقاد أن على المعارضة السورية، التفكير حالياً ألف مرة بالوضع الانساني قبل التفكير مرة واحدة بقلب نظام الحكم في دمشق.
لو تجاوزنا مسألة استغلال النظام لحالة التشضّي والتفتت في جبهة المعارضة، لتعزيز مواقعه العسكرية على الأرض، وهو أمرٌ بديهي، فان هذه المعارضة ربما ستكون أمام استحقاق خطير أمام الشعب السوري عندما يتسع نطاق الاقتتال بين "الجيش السوري الحر"، وبين العناصر التابعة للفصائل الطائفية – الارهابية، مثل "جبهة النصرة"، أو "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، وغيرها من القوى غير المنضبطة بقرار عسكري موحد، وربما عدم الانضباط هذا، هو الذي كلف "الجيش الحر"، والمعارضة بشكل عام ، ثمناً غالياً على الصعيد المعنوي، عندما قتلت عناصر من "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، أحد كبار ضباط "الجيش الحر"، المدعو كمال حمامي في منطقة جبل التركمان في اللاذقية. فقد تحدثت الانباء عن وقوع اشتباكات عنيفة بين الجانبين في حلب التي تتعرض بالأساس للحصار بسبب المعارك بين المعارضة والقوات النظامية.
البعثة البريطانية لحقوق الإنسان، أوردت في خبر لها نُشر في صحيفة "لوس انجلس تايمز" الاميركية إن "الاقتتال الذي وقع بين مسلحي الجيش السوري الحر وعناصر تنظيم القاعدة كان متركزا للسيطرة على مواقع استراتيجية في منطقة "بستان القصر" في حلب والتي تعتبر بمثابة المنفذ الوحيد بين الأحياء الشرقية من المدينة الواقعة تحت سيطرة الثوار والمناطق الغربية التي تسيطر عليها الحكومة السورية". ومع أخذ هذا الخبر بعين الاعتبار، وأن القوات النظامية تستثمر هذا التمزّق في جبهة المعارضة لتحقيق تقدم عسكري في المناطق التي يسيطرون عليها، في حلب وحمص وغيرها، إلا ان السكان المدنيين سيبقون هم من يدفعون الثمن، بمزيد من المعاناة بشحة المواد الغذائية والوقود والخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء. بسبب انتشار القناصة وهطول القذائف والصواريخ من مصادر مجهولة، إذ انهم باتوا وخلال الفترة الماضية، ومن حيث لا يريدون، في وسط ساحة حرب مكشوفة بين المعارضة والقوات النظامية. وفي اعتراف صريح أدلى به أحد المسلحين الشباب، وعرضته قناة "الجزيرة"، انه وجماعته يقومون بتفخيخ المباني في حلب قبل الانسحاب منها، لتكون بمنزلة اللغم أمام القوات النظامية حال وصولها الى المكان..!
المصادر الاعلامية تتحدث هذه الايام عن اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تحاول اعادة فتح الطريق بين مدينتي اللاذقية وحلب، لإمداد الأحياء التي تسيطر عليها في حلب. وتتركز الاشتباكات على الطريق الدولية قرب بلدة "بسنقول"، - بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان- الذي اشار الى سقوط 11 مقاتلا معارضا في الاشتباكات المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي.
وحسب المصدر ذاته؛ فان فان القوات النظامية "تركز على المنطقة التي فيها تدمير الجسر (في بسنقول)، بهدف اعادة فتح طريق امدادات حلب"، مشيرا الى ان هذه الامدادات "ليست عسكرية، بل للغذاء والمواصلات من حلب في اتجاه دمشق والساحل السوري". وتشير مصادر متطابقة الى ان أحياء سكنية في حلب، تعيش أزمة غذائية حادة بسبب الحصار المفروض من قبل مقاتلي المعارضة. وقد غطت وسائل الاعلام التظاهرات الاحتجاجية للسكان في أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة، للتنديد بإجراءات الحصار بدعوى التحصّن وتفادي هجمات القوات النظامية. علماً أن حلب، كبرى مدن الشمال السوري، مدة طويلة في منأى عن النزاع العسكري حتى تموز 2012، عندما اندلعت فيها معارك باتت شبه يومية، بينما يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على احيائها.
احد سكان حلب، وهو تاجر سنّي، صورة لوسائل الاعلام عن الاوضاع المأساوية في أحياء حلب، وهو أب لخمسة أطفال. ويقول: انه يعيش في حي مختلط معظم سكانه من المسيحيين. ويعيش هنا أيضا العديد من النازحين من أحياء حلب الأخرى ونواحيها. وفي اشارة واضحة الى ان وجود الفصائل الارهابية المسلحة هي التي تسبب حرب الشوارع بين المنازل والبنايات، يقول هذا المواطن السوري: "قبل ان تقترب الينا الجماعات المسلحة، تفاجأنا بالحصار الذي فرض علينا. هذا علما أن الحصار مقرون بانقطاع الماء والكهرباء المتكرر لفترات طويلة دون أن نعلم من هم المسؤولون عن ذلك".
و يضيف: "ينقصنا كل شيء.. والأسعار التي كانت مرتفعة أصلا، ثم قفزت بشكل مرعب في الأيام الأخيرة. وجميع المتاجر الكبيرة والصغيرة أغلقت أبوابها. أما المؤن الضرورية فينبغي شراؤها من السوق السوداء، علما أن الأسعار في هذه الحالة تختلف بين الساعة والأخرى وهي دائما في ارتفاع. سعر الخبز زاد ثلاثة أضعاف والخضراوات باتت نادرة وغالية جدا. الناس يشترون الخبز رغيفاً رغيفا. ولأن المحروقات أصبحت أندر فأندر صار معظم السكان يتنقلون مشياً على الاقدام".
" كل ما يدخل الحي أو المدينة يمر على الجيش السوري الحر.. وبعض الثوار يستغلون الحصار للتربّح. ولكن في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار جميع المؤن موجودة نظرا لأنهم يتحكمون في معبر مؤدي إلى شمال البلد والحدود التركية. ويتيح معبر بستان القصر المرور من منطقة الثوار، غير أنه غالبا مغلق. وحتى عندما يكون هذا المعبر مفتوحا يظل المرور منه محفوفا بالمخاطر والقناصة في كل مكان. ومن يجازف فيه لا يعرف إن كان سيعود سالما أم لا، لذلك لا يعبر منه إلا قلة من الناس".
معظم المراقبين يشيرون الى أن استمرار الاقتتال والاشتباكات بين عناصر "الجيش الحر" و الفصائل الطائفية الارهابية، التي يرتبط البعض منها بتنظيم "القاعدة"، من شأنه ان يدفع سوريا الى مزيد من الاحتقان والتأزم على المدى البعيد، فقد باتت الاهداف متباعدة وحتى متقاطعة في كثير من الاحيان. فحسب المصادر اصبحت مخازن المستودعات والذخيرة محوراً للقتال بين الجانبين، وأي الفريقين تكون له الحظوة بالسيطرة عليها.
هذا الوضع المتردي يعزز الاعتقاد يوماً بعد آخر، بانحراف مسار العمل المعارضاتي للسوريين. بحيث يكون الهدف المنظور حفظ المصالح الخاصة، وتعزيز المكانة في الساحة العسكرية والسياسية. وعندما نرى ويرى معنا المراقبون مسافة التراجع البعيدة للمعارضة بشكل عام في المحافل الدولية، فان هذا يعني أن المعارضة ربما تسقط في نفس المنحدر الذي سقط فيه المكوّن السنّي في العراق، عندما رعى واحتضن عناصر "القاعدة" في الايام الاولى للاطاحة بصدام، لكنها أدركت الخطأ والتخلّف عن ركب الديمقراطية والمكاسب السياسية، بعد إزهاق أرواح الآلاف من الابرياء في عمليات تفجير ونسف وخطف واغتيال، ومازال العراق والعراقيون يدفعون ثمنها، والى أمد غير معلوم. وربما يتكرر هذا المشهد في سوريا، بعد انتهاء المعارك وفرض تسوية سياسية شاملة، إلا ان تبادر المعارضة السياسية في الخارج الى خطوة جريئة وتنفصل كليةً عن الجماعات الارهابية والدموية في الداخل السوري، وتبدأ خطاب وطني متوازن بعيداً عن العنف والدموية والارهاب.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تموز/2013 - 8/رمضان/1434
شبكة النبأ: المأساة الانسانية المريعة في سوريا، من إزهاق أرواح حوالي مائة ألف إنسان، وتشريد حوالي خمسة ملايين آخرين داخل وخارج البلاد، ودمار هائل للبيوت والمحال التجارية والمدارس والمستشفيات. هذه الصورة المصغّرة جداً من المشهد المأساوي السوري، كان أحد نوافذ إعلام المعارضة في الخارج، ومن المآخذ على سياسات النظام الحاكم في سوريا، بأنه السبب في استمرار الحرب والنزاع المسلح، بدعوى عدم تحقيق "مطالب الشعب" بالتغيير الشامل لنظام الحكم، حسب خطابهم الإعلامي والسياسي.
بيد أن المعطيات الأخيرة للأوضاع السورية، يدلنا الى ان هذه المعارضة، في جناحيها العسكري والسياسي، هي المتهمة اليوم بتكريس واقع المحنة والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري، لاسباب باتت واضحة للقاصي والداني، ابرزها الفشل الذريع في تحديد قمة الهرم القيادي للمعارضة السياسية، وهو ما انعكس سلباً وبشكل كبير على المكانة المفترضة لها في الاوساط الدولية والمنظمات الانسانية، ثم جاءت الجرائم المهولة التي ارتكبتها فصائل ارهابية دموية في مناطق متعددة من سوريا، هزّت بعنف صورة المعارضة في العالم، ولوثتها بالدماء والأشلاء المقطعة. وفي الوقت الحاضر، نرى الوضع الانساني في حالة حرجة في عدة مدن، في مقدمتها مدينة حلب التي تعيش حالياً تحت وطأة الحصار، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خبز ولا وقود، إلا ما ندر. الامر الذي يدفع المراقبين للاعتقاد أن على المعارضة السورية، التفكير حالياً ألف مرة بالوضع الانساني قبل التفكير مرة واحدة بقلب نظام الحكم في دمشق.
لو تجاوزنا مسألة استغلال النظام لحالة التشضّي والتفتت في جبهة المعارضة، لتعزيز مواقعه العسكرية على الأرض، وهو أمرٌ بديهي، فان هذه المعارضة ربما ستكون أمام استحقاق خطير أمام الشعب السوري عندما يتسع نطاق الاقتتال بين "الجيش السوري الحر"، وبين العناصر التابعة للفصائل الطائفية – الارهابية، مثل "جبهة النصرة"، أو "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، وغيرها من القوى غير المنضبطة بقرار عسكري موحد، وربما عدم الانضباط هذا، هو الذي كلف "الجيش الحر"، والمعارضة بشكل عام ، ثمناً غالياً على الصعيد المعنوي، عندما قتلت عناصر من "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، أحد كبار ضباط "الجيش الحر"، المدعو كمال حمامي في منطقة جبل التركمان في اللاذقية. فقد تحدثت الانباء عن وقوع اشتباكات عنيفة بين الجانبين في حلب التي تتعرض بالأساس للحصار بسبب المعارك بين المعارضة والقوات النظامية.
البعثة البريطانية لحقوق الإنسان، أوردت في خبر لها نُشر في صحيفة "لوس انجلس تايمز" الاميركية إن "الاقتتال الذي وقع بين مسلحي الجيش السوري الحر وعناصر تنظيم القاعدة كان متركزا للسيطرة على مواقع استراتيجية في منطقة "بستان القصر" في حلب والتي تعتبر بمثابة المنفذ الوحيد بين الأحياء الشرقية من المدينة الواقعة تحت سيطرة الثوار والمناطق الغربية التي تسيطر عليها الحكومة السورية". ومع أخذ هذا الخبر بعين الاعتبار، وأن القوات النظامية تستثمر هذا التمزّق في جبهة المعارضة لتحقيق تقدم عسكري في المناطق التي يسيطرون عليها، في حلب وحمص وغيرها، إلا ان السكان المدنيين سيبقون هم من يدفعون الثمن، بمزيد من المعاناة بشحة المواد الغذائية والوقود والخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء. بسبب انتشار القناصة وهطول القذائف والصواريخ من مصادر مجهولة، إذ انهم باتوا وخلال الفترة الماضية، ومن حيث لا يريدون، في وسط ساحة حرب مكشوفة بين المعارضة والقوات النظامية. وفي اعتراف صريح أدلى به أحد المسلحين الشباب، وعرضته قناة "الجزيرة"، انه وجماعته يقومون بتفخيخ المباني في حلب قبل الانسحاب منها، لتكون بمنزلة اللغم أمام القوات النظامية حال وصولها الى المكان..!
المصادر الاعلامية تتحدث هذه الايام عن اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تحاول اعادة فتح الطريق بين مدينتي اللاذقية وحلب، لإمداد الأحياء التي تسيطر عليها في حلب. وتتركز الاشتباكات على الطريق الدولية قرب بلدة "بسنقول"، - بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان- الذي اشار الى سقوط 11 مقاتلا معارضا في الاشتباكات المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي.
وحسب المصدر ذاته؛ فان فان القوات النظامية "تركز على المنطقة التي فيها تدمير الجسر (في بسنقول)، بهدف اعادة فتح طريق امدادات حلب"، مشيرا الى ان هذه الامدادات "ليست عسكرية، بل للغذاء والمواصلات من حلب في اتجاه دمشق والساحل السوري". وتشير مصادر متطابقة الى ان أحياء سكنية في حلب، تعيش أزمة غذائية حادة بسبب الحصار المفروض من قبل مقاتلي المعارضة. وقد غطت وسائل الاعلام التظاهرات الاحتجاجية للسكان في أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة، للتنديد بإجراءات الحصار بدعوى التحصّن وتفادي هجمات القوات النظامية. علماً أن حلب، كبرى مدن الشمال السوري، مدة طويلة في منأى عن النزاع العسكري حتى تموز 2012، عندما اندلعت فيها معارك باتت شبه يومية، بينما يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على احيائها.
احد سكان حلب، وهو تاجر سنّي، صورة لوسائل الاعلام عن الاوضاع المأساوية في أحياء حلب، وهو أب لخمسة أطفال. ويقول: انه يعيش في حي مختلط معظم سكانه من المسيحيين. ويعيش هنا أيضا العديد من النازحين من أحياء حلب الأخرى ونواحيها. وفي اشارة واضحة الى ان وجود الفصائل الارهابية المسلحة هي التي تسبب حرب الشوارع بين المنازل والبنايات، يقول هذا المواطن السوري: "قبل ان تقترب الينا الجماعات المسلحة، تفاجأنا بالحصار الذي فرض علينا. هذا علما أن الحصار مقرون بانقطاع الماء والكهرباء المتكرر لفترات طويلة دون أن نعلم من هم المسؤولون عن ذلك".
و يضيف: "ينقصنا كل شيء.. والأسعار التي كانت مرتفعة أصلا، ثم قفزت بشكل مرعب في الأيام الأخيرة. وجميع المتاجر الكبيرة والصغيرة أغلقت أبوابها. أما المؤن الضرورية فينبغي شراؤها من السوق السوداء، علما أن الأسعار في هذه الحالة تختلف بين الساعة والأخرى وهي دائما في ارتفاع. سعر الخبز زاد ثلاثة أضعاف والخضراوات باتت نادرة وغالية جدا. الناس يشترون الخبز رغيفاً رغيفا. ولأن المحروقات أصبحت أندر فأندر صار معظم السكان يتنقلون مشياً على الاقدام".
" كل ما يدخل الحي أو المدينة يمر على الجيش السوري الحر.. وبعض الثوار يستغلون الحصار للتربّح. ولكن في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار جميع المؤن موجودة نظرا لأنهم يتحكمون في معبر مؤدي إلى شمال البلد والحدود التركية. ويتيح معبر بستان القصر المرور من منطقة الثوار، غير أنه غالبا مغلق. وحتى عندما يكون هذا المعبر مفتوحا يظل المرور منه محفوفا بالمخاطر والقناصة في كل مكان. ومن يجازف فيه لا يعرف إن كان سيعود سالما أم لا، لذلك لا يعبر منه إلا قلة من الناس".
معظم المراقبين يشيرون الى أن استمرار الاقتتال والاشتباكات بين عناصر "الجيش الحر" و الفصائل الطائفية الارهابية، التي يرتبط البعض منها بتنظيم "القاعدة"، من شأنه ان يدفع سوريا الى مزيد من الاحتقان والتأزم على المدى البعيد، فقد باتت الاهداف متباعدة وحتى متقاطعة في كثير من الاحيان. فحسب المصادر اصبحت مخازن المستودعات والذخيرة محوراً للقتال بين الجانبين، وأي الفريقين تكون له الحظوة بالسيطرة عليها.
هذا الوضع المتردي يعزز الاعتقاد يوماً بعد آخر، بانحراف مسار العمل المعارضاتي للسوريين. بحيث يكون الهدف المنظور حفظ المصالح الخاصة، وتعزيز المكانة في الساحة العسكرية والسياسية. وعندما نرى ويرى معنا المراقبون مسافة التراجع البعيدة للمعارضة بشكل عام في المحافل الدولية، فان هذا يعني أن المعارضة ربما تسقط في نفس المنحدر الذي سقط فيه المكوّن السنّي في العراق، عندما رعى واحتضن عناصر "القاعدة" في الايام الاولى للاطاحة بصدام، لكنها أدركت الخطأ والتخلّف عن ركب الديمقراطية والمكاسب السياسية، بعد إزهاق أرواح الآلاف من الابرياء في عمليات تفجير ونسف وخطف واغتيال، ومازال العراق والعراقيون يدفعون ثمنها، والى أمد غير معلوم. وربما يتكرر هذا المشهد في سوريا، بعد انتهاء المعارك وفرض تسوية سياسية شاملة، إلا ان تبادر المعارضة السياسية في الخارج الى خطوة جريئة وتنفصل كليةً عن الجماعات الارهابية والدموية في الداخل السوري، وتبدأ خطاب وطني متوازن بعيداً عن العنف والدموية والارهاب.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تموز/2013 - 8/رمضان/1434