الحكومة البحرينية استطاعت احتواء المعارضة
اتخذت البحرين خطوات واسعة نحو الديمقراطية في السنوات الثلاث الماضية جعلت جمعيات سياسية كانت في قلب الاحداث المتسارعة التي جرت في هذه الدولة الخليجية في التسعينات تفقد الكثير من نفوذها.
يقول محللون ورؤساء جمعيات ان مقاطعة خمس جمعيات سياسية للانتخابات البرلمانية التي جرت في هذه المملكة العام الماضي وهي الاولى منذ حوالي 30 عاما بعد سنوات من المطالبة بها أدت الى تهميش دورها كقوة مؤثرة في صنع القرار وتراجع قدرتها على التأثير في المجتمع.
وكانت هذه الجمعيات السياسية اعلنت مقاطعتها للانتخابات البرلمانية في اكتوبر تشرين الاول 2002 لاعتراضها على عدد من التغييرات الدستورية التي قالت انها تضعف سلطات المجلس التشريعية ولكنها اكدت انها ستشكل قوة ضاغطة من خارج البرلمان تؤثر على صياغة القوانين.
بيد أن بعض النقاد يقولون ان قرار المقاطعة لم يكن موفقا خصوصا انه ليس لدى الجمعيات خطط فعلية لتشكيل قوة ضغط وانها تحولت الى "ظاهرة صوتية" اخرى.
يقول رجل الاعمال والاكاديمي تقي الزيرة "الجميعات بالفعل صارت على هامش اللعبة السياسية. هي مؤثرة ولكن تأثيرها ضعيف فالالتفاف حولها ضعف بصورة ملحوظة جدا بسبب ان الناس لا ترى انها تعمل شيئا غير الاحتجاج."
واضاف يقول "تأثيرها على الرأي العام وعلى الحكومة صار ضعيفا. صارت القاعدة الشعبية لها مهزوزة وهي نفسها انقسمت عدة اقسام بين من يتعامل مع البرلمان وبين المقاطع له."
يقول الزيرة "الرأي العام يحتاج الى فرصة لكي يختبر المشروع السياسي الجديد. لا يمكن ان يحدث تغيير قياسه 180 درجة بين يوم وليلة بين غياب الديمقراطية الى الديمقراطية الكاملة.. يجب ان نمر بمرحلة بناء الثقة."
في منتصف الشهر الماضي حضر حشد كبير من الجمهور ندوة نظمتها الجمعيات السياسية تناهض فيها ما وصفته بالتجنيس العشوائي ومنح الجنسية البحرينية لمن لا يستحقها. وهي استطاعت ان تؤجج القضية المشتعلة اصلا لدى غالبية البحرينيين.
غير ان الندوة انتهت دون ان تجبر الحكومة على اعلان تغيير في سياستها حول التجنيس التي تدافع عنها وتصفها بالقانونية. واغلب سكان هذه المملكة الصغيرة من الطائفة الشيعية الذين يشكلون نحو 70 في المئة من عدد السكان الاصليين والبلغ عددهم نحو 450 الف نسمة.
وشكل البرلمان لجنة لبحث مسألة التجنيس. يقول الزيرة "مسألة التجنيس ومشروع قانون الاحوال الشخصية يناقشان في البرلمان. لو كان هناك تمثيل قوي لأكبر فصيل للمعارضة وهو الوفاق الذي يشن حاليا حملة ضد هذه المشاريع لما حدثت هذه البلبلة. كان الأجدى المشاركة والتطوير من الداخل عوضا عن مسيرات الاحتجاج. ماذا ستفعل هذه المسيرات فيما العملية التشريعية سائرة."
رئيس جمعية الوفاق وهي اكبر جمعية سياسية في البلاد الشيخ علي سلمان يقول انها استطاعت ان تحقق عددا من الانجازات بالرغم من مقاطعتها الانتخابات.
يقول الشيخ علي "المعارضة استطاعت ان تحدد الاجندة الوطنية. ما يطرح من قضايا البطالة والتجنيس والفساد المالي والاداري هي اجندة لم تفرضها الحكومة او البرلمان بل فرضتها المعارضة وقرر الجميع ان يتعاطى معها."
ويضيف "هناك متابعة المعارضة لقانون المطبوعات ومحاولة ايقافه. هناك وقوف امام القضايا الأخرى مثل ملفات التعذيب. فالمعارضة موجودة وتضغط على البرنامج الحكومي بحسب الامكانيات المتوفرة. انا لا انفي ان هناك قصور في تحريك بعض الملفات ولكن بشكل اجمالي المعارضة قادرة على الضغط."
استبعد الشيخ علي ان تغير جمعيته موقفها المقاطع للانتخابات البرلمانية خلال الانتخابات القادمة ما لم تنظر الحكومة في اجراء تغييرات في الدستور الجديد الذي ساوى بين صلاحيات مجلس الشورى الذي تعينه الحكومة والبرلمان المنتخب ولكنه قال "الوقت القادم هو وقت حراك سياسي ومعركة سياسية حول الوضع الدستوري وستكون معركة قاسية وشديدة."
وانتقد الشيخ علي ضيق الصلاحيات التي اعطيت لاعضاء البرلمان والتي قال انها قيدت ادائهم فلم يتوصلوا الى اكثر من "اثارة قضايا لا يترتب عليها اي نتائج بالرغم من ان الهدف من اقامة البرلمان كان التشريع والرقابة الحقيقية."
ووصف أعضاء المجلس بأنهم "غير متمرسين في العمل السياسي" بالرغم من انه توقع قبل الانتخابات ان بامكان جمعيته حصد نصف المقاعد في البرلمان لو انها شاركت في الانتخابات.
النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل بن عبدالرحمن المعاودة له رأي مخالف وهو قال ان المقاطعة اثرت على البرلمان سلبا وان المجلس لا يخطط الدخول في (مناوشات) مع الحكومة في الفترة الحالية.
يقول في تصريحات نشرت له في الاونة الاخيرة "ما قدمه المجلس في هذه الفترة القصيرة التي لم تتعد خمسة اشهر قد يصل الى درجة الممتاز او الجيد جدا اذا ما قيست بالظروف التي لازمت دور الانعقاد الأول."
واضاف "المقاطعة جعلت الكثير من القوى المؤثرة خارج قبة البرلمان وليست داخله... علاوة على ان المجلس افتقر الى الخبرة التي يحتاجها المشاركون فيه فمعظم الاعضاء في مجلس النواب لم تكن لهم تجربة سياسية سابقة."
ومضى يقول "المجلس استطاع اخراج البلاد من عنق الزجاجة فمشاركة اغلبية المواطنين في الانتخابات البرلمانية يعد انجازا كبيرا". لكنه قال ان المجلس لا ينوي مناقشة التعديلات الدستورية في اول سنتين من تشكيله اذ ان امامه قضايا اكثر الحاحا.
ومضى يقول "نحن لا نحتاج لأن ندخل في مشاحنات منذ البداية فنحن نريد ان نثبت للحكومة اننا لسنا ضدها وانما نحن عامل مساعد لها لحل مشاكل هذا الوطن فإذا حصلنا على ما نريد بالمتاح والموجود فالحمد لله اما اذا اكتشفنا اننا مجرد صورة وديكور لتمرير ما تريده الحكومة بحذافيره فحينها لن نقبل ولن نرضى بذلك."
المصدر: رويترز
شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 6/8/2003 - 7/ جمادى الثانية /1424
اتخذت البحرين خطوات واسعة نحو الديمقراطية في السنوات الثلاث الماضية جعلت جمعيات سياسية كانت في قلب الاحداث المتسارعة التي جرت في هذه الدولة الخليجية في التسعينات تفقد الكثير من نفوذها.
يقول محللون ورؤساء جمعيات ان مقاطعة خمس جمعيات سياسية للانتخابات البرلمانية التي جرت في هذه المملكة العام الماضي وهي الاولى منذ حوالي 30 عاما بعد سنوات من المطالبة بها أدت الى تهميش دورها كقوة مؤثرة في صنع القرار وتراجع قدرتها على التأثير في المجتمع.
وكانت هذه الجمعيات السياسية اعلنت مقاطعتها للانتخابات البرلمانية في اكتوبر تشرين الاول 2002 لاعتراضها على عدد من التغييرات الدستورية التي قالت انها تضعف سلطات المجلس التشريعية ولكنها اكدت انها ستشكل قوة ضاغطة من خارج البرلمان تؤثر على صياغة القوانين.
بيد أن بعض النقاد يقولون ان قرار المقاطعة لم يكن موفقا خصوصا انه ليس لدى الجمعيات خطط فعلية لتشكيل قوة ضغط وانها تحولت الى "ظاهرة صوتية" اخرى.
يقول رجل الاعمال والاكاديمي تقي الزيرة "الجميعات بالفعل صارت على هامش اللعبة السياسية. هي مؤثرة ولكن تأثيرها ضعيف فالالتفاف حولها ضعف بصورة ملحوظة جدا بسبب ان الناس لا ترى انها تعمل شيئا غير الاحتجاج."
واضاف يقول "تأثيرها على الرأي العام وعلى الحكومة صار ضعيفا. صارت القاعدة الشعبية لها مهزوزة وهي نفسها انقسمت عدة اقسام بين من يتعامل مع البرلمان وبين المقاطع له."
يقول الزيرة "الرأي العام يحتاج الى فرصة لكي يختبر المشروع السياسي الجديد. لا يمكن ان يحدث تغيير قياسه 180 درجة بين يوم وليلة بين غياب الديمقراطية الى الديمقراطية الكاملة.. يجب ان نمر بمرحلة بناء الثقة."
في منتصف الشهر الماضي حضر حشد كبير من الجمهور ندوة نظمتها الجمعيات السياسية تناهض فيها ما وصفته بالتجنيس العشوائي ومنح الجنسية البحرينية لمن لا يستحقها. وهي استطاعت ان تؤجج القضية المشتعلة اصلا لدى غالبية البحرينيين.
غير ان الندوة انتهت دون ان تجبر الحكومة على اعلان تغيير في سياستها حول التجنيس التي تدافع عنها وتصفها بالقانونية. واغلب سكان هذه المملكة الصغيرة من الطائفة الشيعية الذين يشكلون نحو 70 في المئة من عدد السكان الاصليين والبلغ عددهم نحو 450 الف نسمة.
وشكل البرلمان لجنة لبحث مسألة التجنيس. يقول الزيرة "مسألة التجنيس ومشروع قانون الاحوال الشخصية يناقشان في البرلمان. لو كان هناك تمثيل قوي لأكبر فصيل للمعارضة وهو الوفاق الذي يشن حاليا حملة ضد هذه المشاريع لما حدثت هذه البلبلة. كان الأجدى المشاركة والتطوير من الداخل عوضا عن مسيرات الاحتجاج. ماذا ستفعل هذه المسيرات فيما العملية التشريعية سائرة."
رئيس جمعية الوفاق وهي اكبر جمعية سياسية في البلاد الشيخ علي سلمان يقول انها استطاعت ان تحقق عددا من الانجازات بالرغم من مقاطعتها الانتخابات.
يقول الشيخ علي "المعارضة استطاعت ان تحدد الاجندة الوطنية. ما يطرح من قضايا البطالة والتجنيس والفساد المالي والاداري هي اجندة لم تفرضها الحكومة او البرلمان بل فرضتها المعارضة وقرر الجميع ان يتعاطى معها."
ويضيف "هناك متابعة المعارضة لقانون المطبوعات ومحاولة ايقافه. هناك وقوف امام القضايا الأخرى مثل ملفات التعذيب. فالمعارضة موجودة وتضغط على البرنامج الحكومي بحسب الامكانيات المتوفرة. انا لا انفي ان هناك قصور في تحريك بعض الملفات ولكن بشكل اجمالي المعارضة قادرة على الضغط."
استبعد الشيخ علي ان تغير جمعيته موقفها المقاطع للانتخابات البرلمانية خلال الانتخابات القادمة ما لم تنظر الحكومة في اجراء تغييرات في الدستور الجديد الذي ساوى بين صلاحيات مجلس الشورى الذي تعينه الحكومة والبرلمان المنتخب ولكنه قال "الوقت القادم هو وقت حراك سياسي ومعركة سياسية حول الوضع الدستوري وستكون معركة قاسية وشديدة."
وانتقد الشيخ علي ضيق الصلاحيات التي اعطيت لاعضاء البرلمان والتي قال انها قيدت ادائهم فلم يتوصلوا الى اكثر من "اثارة قضايا لا يترتب عليها اي نتائج بالرغم من ان الهدف من اقامة البرلمان كان التشريع والرقابة الحقيقية."
ووصف أعضاء المجلس بأنهم "غير متمرسين في العمل السياسي" بالرغم من انه توقع قبل الانتخابات ان بامكان جمعيته حصد نصف المقاعد في البرلمان لو انها شاركت في الانتخابات.
النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل بن عبدالرحمن المعاودة له رأي مخالف وهو قال ان المقاطعة اثرت على البرلمان سلبا وان المجلس لا يخطط الدخول في (مناوشات) مع الحكومة في الفترة الحالية.
يقول في تصريحات نشرت له في الاونة الاخيرة "ما قدمه المجلس في هذه الفترة القصيرة التي لم تتعد خمسة اشهر قد يصل الى درجة الممتاز او الجيد جدا اذا ما قيست بالظروف التي لازمت دور الانعقاد الأول."
واضاف "المقاطعة جعلت الكثير من القوى المؤثرة خارج قبة البرلمان وليست داخله... علاوة على ان المجلس افتقر الى الخبرة التي يحتاجها المشاركون فيه فمعظم الاعضاء في مجلس النواب لم تكن لهم تجربة سياسية سابقة."
ومضى يقول "المجلس استطاع اخراج البلاد من عنق الزجاجة فمشاركة اغلبية المواطنين في الانتخابات البرلمانية يعد انجازا كبيرا". لكنه قال ان المجلس لا ينوي مناقشة التعديلات الدستورية في اول سنتين من تشكيله اذ ان امامه قضايا اكثر الحاحا.
ومضى يقول "نحن لا نحتاج لأن ندخل في مشاحنات منذ البداية فنحن نريد ان نثبت للحكومة اننا لسنا ضدها وانما نحن عامل مساعد لها لحل مشاكل هذا الوطن فإذا حصلنا على ما نريد بالمتاح والموجود فالحمد لله اما اذا اكتشفنا اننا مجرد صورة وديكور لتمرير ما تريده الحكومة بحذافيره فحينها لن نقبل ولن نرضى بذلك."
المصدر: رويترز
شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 6/8/2003 - 7/ جمادى الثانية /1424