إصدارات جديدة: من يعرقل الشعائر الحسينية يحرق تاريخه بيديه
الكتاب: من يعرقل الشعائر الحسينية يحرق تاريخه بيديه
الكاتب: سماحة المرجع اية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي
الناشر: دار المؤمل للطباعة والنشر
عدد الصفحات: خمسة وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط
شبكة النبأ: يتكون هذا الكتاب من خمسة وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط – الطبعة الأولى 1433هـ - مطبعة دار المؤمل للطباعة والنشر – بيروت لبنان – تمت طباعته لحساب مؤسسة الأنوار الأربعة عشر –عليهم السلام- الثقافية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب –عليه السلام- لسنة 1433هـ.
جاء في مقدمة الناشر: لقد اهتم الناس بالجانب القصصي والمأساوي في ثورة الإمام الحسين –عليه السلام– أكثر من غيره والذي تمثل في التضحية بكل عزيز من النفس والولد والمال والدعة والأمن في سبيل المبدأ والصالح العام مع الضعف والقلة واليأس من النصر العسكري.
وحول النخبة الاجتماعية قال: الطليعة والنخبة التي لم يأسرها الواقع المعاش وإنما بقيت في مستوى أعلى منه وإن كانت تدركه وترصده وتنفعل به وتتعذب بسببه، ووصفهم: بأنهم –دائماً– أصح أجزاء الأمة وإذا لم يقوموا بالثورة فإن هذه النخبة تفقد مبررات وجودها.
ورأى الناشر: أن الثورة الصحيحة لابد أن تبشر بأخلاق جديدة إذا حدثت في مجتمع ليس له تراث ديني وإنساني يضمن لأفراده حياة إنسانية متكاملة أو تحيي المبادئ والقيم التي هجرها المجتمع أو حرفها إذا كان للمجتمع مثل هذا التراث.
وقال أيضاً: أن من النتائج التي تحققت من ثورة الإمام الحسين –عليه السلام- إشعال الثورة الاجتماعية ضد الطغاة والمستبدين ولم تتوقف إلا بسقوط الدولة الأموية المجرمة، ولما تبين للمجتمع الإسلامي أن العباسيين كمن سبقهم لم يسكنوا بل ثاروا واستمرت ثورتهم التي تقودها روح كربلاء بدون انقطاع ضد كل ظلم وطغيان وفساد.
وختم الناشر مقدمته بقوله: ولئن تغيرت أساليب الصراع في عصرنا الحاضر فإن روح كربلاء هي التي يجب أن تقود خطى المسلمين في كفاحهم للمبادئ المعادية للإسلام وهي الكفيلة بأن تقودهم في نهاية الطريق إلى النصر إن تمسكوا بها واستلهموها وكانوا لباعثيها –أهل البيت عليهم السلام– أتباعاً.
عناوين الكتاب :
احتوى الكتاب على محاضرتين لسماحة السيد الشيرازي تم إلقاءها بمنزله بقم المقدسة بمناسبة عاشوراء الحسين –عليه السلام– لسنة 1432هـ وكانت تحت العنوانين التاليين:
1- من يعرقل الشعائر الحسينية أو يشكك فيها يحرق تاريخه بيده.
2- فساد العالم وهلاكه في لعبه بالدين وكتمانه الحقّ.
وقد استعرض سماحته في محاضرته الأولى:
معنى كلمة (الطف) وقال: الطف إمّا هي اسم لأرض كربلاء أو اسم لخصوص البقعة التي استُشهد فيها الإمام الحسين مع أهل بيته وأصحابه –عليهم السلام– كما أشار إلى معنى الطف لغةً فقال: أما معنى الطف لغةً: فهو المكيال الذي لم يكمل.
كما تحدث سماحته عن ثواب إحياء الشعائر الحسينية واستشهد بحديث الإمام الصادق –عليه السلام– رُفِعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مَا لا يَنَالُهُ الْمُتَشَحِّطُ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقال: معنى كلام الإمام الصادق -صلوات الله عليه- أن الذي يقوم بإحياء ولو شعيرة واحدة من شعائر الإمام الحسين فمقامه أعلى من مقام الذي استشهد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وآله– وأعلى من مقام الذي استشهد بين يدي الإمام أمير المؤمنين -صلوات الله عليه– ولا يخفى أنّ الإمام الصادق لا يبالغ في كلامه بل إنّ كلام المعصوم حجّة لذا فقوله -صلوات الله عليه-: (ما لا يناله المتشحّط في سبيل الله) يكشف عن إحدى الخصائص الحسينية العظيمة.
ونقل سماحته بعض الروايات من كتاب (الكامل في الزيارات) وقال: في هذا الكتاب الشريف يقول الإمام الصادق –عليه السلام– حول من يحيي شعيرة من الشعائر الحسينية إذا سمع بشارة الملائكة له: (لأقَمْتَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ صلوات الله عليه) مع العلم بأن السلطات الجائرة آنذاك -وهم الأمويون والعباسيون وشرطتهم- كانت تتربص بالزوّار لتفتك بهم ولكن مع ذلك كله كان الإمام الصادق يحثّ ويشجّع على زيارة الإمام الحسين لما لهذه الزيارة من الأجر العظيم والمقام الرفيع عند الله تعالى.
بعدها تطرّق المرجع الشيرازي في محاضرته إلى الحديث عمن يحارب الشعائر الحسينية أو يسعى في عرقلتها أو منعها أو التشكيك فيها وقال: بعد أن أشرنا إلى ثواب إحياء الشعائر تعالوا لننظر ماذا صنع الله -عزّ وجلّ- بأعداء الإمام الحسين –عليه السلام– ففي تفسير الإمام العسكري نقرأ أنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله– دعا الله تعالى وقال: (ألا ولعن الله قتلة الحسين ومحبّيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم).
وفي السياق نفسه قال سماحته: إن الشعائر والقضية الحسينية لو كانت تمحى بالقوة لمحاها هارون والمتوكّل العباسي ولمحاها البعثيون. فقد حارب البعثيون في العراق شعائر الإمام الحسين ثلاثين عاماً والله يعلم كم عدد الذين قتلوا وعذّبوا من أجل الشعائر الحسينية وكم من الدماء أريقت من أجل ذلك؟ حيث لازالت إلى ساعتنا هذه تكتشف المقابر الجماعية في العراق ومع ذلك أين هم البعثيون؟
وتحدث سماحته عن الشبهات حول الشعائر الحسينية حيث قال: إن من الشبهات التي أثيرت حول القضية الحسينية منذ مئات السنين ولازالت تثار من قبل البعض وخصوصاً في العراق اليوم هي قولهم: إن الإمام الحسين قد انتصر فعلام هذا البكاء وهذا الحزن وهذه المجالس وهذه الشعائر؟ وقد رد على هذه الشبهة بقوله: ألم يكن رسول الله -صلى الله عليه وآله- عالماً بذلك فلماذا بكى على الإمام الحسين والإمام لا يزال صغيراً أو قبل أن يأتي إلى الدنيا؟ ولماذا أقام العزاء عليه في بيت الإمام أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء –صلوات الله عليهما– ليلة زواجهما؟ وهذه من السنن الحسنة التي آمل من الشباب الأعزاء أن يعملوا بها ليلة زواجهم كي ينالوا البركات الكثيرة في حياتهم الزوجية.
كما أردف قائلاً: إنّ محاربة الشعائر الحسينية مسألة غير مقتصرة على التقصير بل تشمل حتى القصور وهذا الأمر وإن كان عن قصور ولم يعاقب عليه صاحبه في الآخرة فإنه لا شك يحرق تاريخ صاحبه كله سواء كانت كلمة واحدة مقصودة أو غير مقصودة أو كانت أكبر من ذلك. وبعبارة أخرى إن الذي يتعرّض للقضية الحسينية حتى بمقدار رأس إبرة فإنه يحرق تاريخه كله بيديه.
وأكّد دام ظله: إن قضية الإمام الحسين-عليه السلام- قضية لا يُدرَك غورها أبداً وإن العلماء بالنسبة إلى القضية الحسينية المقدسة هم جهلة حتى أكابرهم وأعاظمهم. فهي قضية عظمى واستثنائية لا يعلم أسرارها وعظمتها إلاّ الله تعالى والمعصومون -صلوات الله عليهم- فالإمام الصادق–عليه السلام– يقصد من قوله الذي ذكرته آنفاً (مَا لا يَنَالُهُ الْمُتَشَحِّطُ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هو أن مقام شهداء بدر ليس مثل مقام من يعظّم الشعائر الحسينية ويحييها يعني أنه أرفع مقاماً من شهداء بدر.
وختم المرجع الشيرازي كلمته مخاطباً الحضور وجميع المؤمنين والمؤمنات: إنني وانطلاقاً من واجبي الشرعي أشكركم على إقامتكم العزاء في الأيام العشرة الأولى من المحرّم وأشكر كل المؤمنين والمؤمنات في جميع مناطق العالم على إقامتهم العزاء الحسيني والشعائر الحسينية وما تعرّضوا له من الأذى في ذلك وتحمّلوا المشاكل التي لا تعادل المشاكل التي تحمّلها المؤمنون في زمن الإمام الصادق والإمام الهادي من قبل سلاطين بني أمية وبني العباس وأدعوا لكم ولهم بأن يديم الله تعالى هذا الفخر وهذه العزّة وهذه الفضيلة وهي إقامة الشعائر الحسينية التي فيها خير الدنيا والآخرة أسأله تبارك وتعالى أن يديمها عليكم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات وأن يجعلها في ذريّتكم وذريّة جميع المؤمنين والمؤمنات. وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
كما استعرض سماحته في محاضرته الثانية:
ما ذكره المرحوم العلاّمة المجلسي -قدّس سرّه- في البحار في كتاب الصلاة: من أن الإمام الحسين –عليه السلام– كان يدعو الله تعالى بقوله: (اللهم وأعذ أولياءك من الافتتان بي وفتّنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء والاستخلاص بسلوك طريقتي واتّباع منهجي) وقال: إن معنى كلام الإمام –في دعائه- فهو: إلهي امتحن أولياءك بواسطتي وأخرجهم من هذا الامتحان ناجحين وذلك بأن يسيروا على طريقتي ويتّبعوا منهجي وعملي. وإن المقصود من كلام الإمام –عليه السلام– هو أن يتعلّموا منه تبيان الحقّ وعدم كتمانه وليس فقط مقارعة الظالمين والجهاد ضد الطواغيت.
وقال سماحته: إن من أهم الأمور بالنسبة لأهل العلم سواء كانوا وعّاظاً أو خطباء أو مبلّغين أو أساتذة هو أن يعلموا جيّداً بأن عملهم يختلف عن عمل باقي الناس، فعمل أهل العلم هو تعليم الناس الدين وإن من أبرز مصاديق تعليم الدين وأهمها: تبيين الحقّ وترك كتمان الحق. وهذا الأمر يضاعف مسؤولية العلماء وأهل العلم لأنه إذا صلح العلماء صلح الناس وإذا فسد العلماء فسد الناس وفسد دينهم. ويجب أن يكون تناسب بين المسؤولية والمقام بالنسبة لأهل العلم. فالعالم مسؤوليته تعليم الدين للناس وليس عليه بالضرورة أن يتحقّق الهدف من عمله أن يكون الناس متديّنين فالكثير من الأصحاب الذين عاشوا مع رسول الله –صلى الله عليه وآله– خرجوا بعد رحيله طالحين. فمسؤولية العلماء وأهل العلم هي إلقاء الحجّة على الناس بتعليم الدين سواء صلح الناس أو لم يصلحوا.
وأكد سماحته: إن الحكّام –كشداد أو فرعون– لا يقدرون على اللعب بالدين وهكذا الأمر بالنسبة للتجّار مثلاً وغيرهم من سائر الناس أما رجل الدين والعالم فإنه يستطيع أن يلعب بالدين وأن يكتم الحق أو يبيّنه.
وأشار سماحته إلى دور العالم وخطورة هذا الدور وقال: إن مثل العالم كمثل المقاتل الذي يكون على قمة الجبل. فالمقاتل عندما يكون على قمة الجبل يتمكّن بكل سهولة أن يدفع عنه الضرر والأذى الذي يتمثّل بالعدو الصاعد إليه ولكن إذا انزلقت رجله فإنه سيسقط من قمّة الجبل وتتكسّر وتتلاشى كل أعضاؤه وربما لا يبقى أثر من جسمه. فقمّة الجبل بالنسبة لأهل العلم تعني العلم ومقام العلم ومقام العلماء.
وفي سياق كلمته تطرّق سماحته إلى قضية الإمام الحسين –عليه السلام– وقال: إن الله سبحانه وتعالى جعل قضية الإمام الحسين قضية استثنائية فبواسطة القضية الحسينية المقدسة يدخل الناس الجنة سريعاً وبسببها أيضاً يدخلون النار سريعاً -والعياذ بالله- وهذا يصدق على أهل العلم أيضاً. فأهل العلم يبتلون بمسائل وأمور كثيرة على طول السنة ولكن من أهم موارد الابتلاءات التي تواجههم في شهري محرم وصفر ويُمتحنون بها قضية الإمام الحسين –عليه السلام–.
وأكّد دام ظله: إن مسؤولية أهل العلم وخصوصاً في شهري محرم وصفر أن يلتزموا بنهج الإمام الحسين في تبيين الحقّ وترك كتمان الحقّ كل حسب قدرته وطاقاته وعليهم أن يحذروا من اللعب بالدين وهذا الأمر بأيديهم. ففي شهر محرم وشهر صفر على أهل العلم أن يتوسّلوا إلى الله تعالى ويطلبوا منه التوفيق في العمل على تبيين الحقّ وترك كتمانه وأن يطلبوا من الإمام الحسين ومن الإمام المهدي أن تشملهم رعايتهما بأن يوفّقوا للعمل على تبيين الحق وعدم كتمانه وأن يكونوا كأبي ذر الغفاري الذي بيّن الحق ولم يكتمه فكلّفه ذلك أن نُفي ومات من الجوع حيث لم يكن عنده حتى قرص واحد من الخبز.
وختم المرجع الشيرازي -دام ظله- كلمته بقوله: أسأل الله تعالى ببركة مولانا الإمام المهدي –عجّل الله تعالى فرجه الشريف– أن يوفّقنا للعمل بمسؤوليتنا بالأخصّ في شهري محرم وصفر وأن نتحمّل المشاكل في ذلك ونصبر على المصاعب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433
الكتاب: من يعرقل الشعائر الحسينية يحرق تاريخه بيديه
الكاتب: سماحة المرجع اية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي
الناشر: دار المؤمل للطباعة والنشر
عدد الصفحات: خمسة وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط
شبكة النبأ: يتكون هذا الكتاب من خمسة وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط – الطبعة الأولى 1433هـ - مطبعة دار المؤمل للطباعة والنشر – بيروت لبنان – تمت طباعته لحساب مؤسسة الأنوار الأربعة عشر –عليهم السلام- الثقافية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب –عليه السلام- لسنة 1433هـ.
جاء في مقدمة الناشر: لقد اهتم الناس بالجانب القصصي والمأساوي في ثورة الإمام الحسين –عليه السلام– أكثر من غيره والذي تمثل في التضحية بكل عزيز من النفس والولد والمال والدعة والأمن في سبيل المبدأ والصالح العام مع الضعف والقلة واليأس من النصر العسكري.
وحول النخبة الاجتماعية قال: الطليعة والنخبة التي لم يأسرها الواقع المعاش وإنما بقيت في مستوى أعلى منه وإن كانت تدركه وترصده وتنفعل به وتتعذب بسببه، ووصفهم: بأنهم –دائماً– أصح أجزاء الأمة وإذا لم يقوموا بالثورة فإن هذه النخبة تفقد مبررات وجودها.
ورأى الناشر: أن الثورة الصحيحة لابد أن تبشر بأخلاق جديدة إذا حدثت في مجتمع ليس له تراث ديني وإنساني يضمن لأفراده حياة إنسانية متكاملة أو تحيي المبادئ والقيم التي هجرها المجتمع أو حرفها إذا كان للمجتمع مثل هذا التراث.
وقال أيضاً: أن من النتائج التي تحققت من ثورة الإمام الحسين –عليه السلام- إشعال الثورة الاجتماعية ضد الطغاة والمستبدين ولم تتوقف إلا بسقوط الدولة الأموية المجرمة، ولما تبين للمجتمع الإسلامي أن العباسيين كمن سبقهم لم يسكنوا بل ثاروا واستمرت ثورتهم التي تقودها روح كربلاء بدون انقطاع ضد كل ظلم وطغيان وفساد.
وختم الناشر مقدمته بقوله: ولئن تغيرت أساليب الصراع في عصرنا الحاضر فإن روح كربلاء هي التي يجب أن تقود خطى المسلمين في كفاحهم للمبادئ المعادية للإسلام وهي الكفيلة بأن تقودهم في نهاية الطريق إلى النصر إن تمسكوا بها واستلهموها وكانوا لباعثيها –أهل البيت عليهم السلام– أتباعاً.
عناوين الكتاب :
احتوى الكتاب على محاضرتين لسماحة السيد الشيرازي تم إلقاءها بمنزله بقم المقدسة بمناسبة عاشوراء الحسين –عليه السلام– لسنة 1432هـ وكانت تحت العنوانين التاليين:
1- من يعرقل الشعائر الحسينية أو يشكك فيها يحرق تاريخه بيده.
2- فساد العالم وهلاكه في لعبه بالدين وكتمانه الحقّ.
وقد استعرض سماحته في محاضرته الأولى:
معنى كلمة (الطف) وقال: الطف إمّا هي اسم لأرض كربلاء أو اسم لخصوص البقعة التي استُشهد فيها الإمام الحسين مع أهل بيته وأصحابه –عليهم السلام– كما أشار إلى معنى الطف لغةً فقال: أما معنى الطف لغةً: فهو المكيال الذي لم يكمل.
كما تحدث سماحته عن ثواب إحياء الشعائر الحسينية واستشهد بحديث الإمام الصادق –عليه السلام– رُفِعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مَا لا يَنَالُهُ الْمُتَشَحِّطُ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقال: معنى كلام الإمام الصادق -صلوات الله عليه- أن الذي يقوم بإحياء ولو شعيرة واحدة من شعائر الإمام الحسين فمقامه أعلى من مقام الذي استشهد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وآله– وأعلى من مقام الذي استشهد بين يدي الإمام أمير المؤمنين -صلوات الله عليه– ولا يخفى أنّ الإمام الصادق لا يبالغ في كلامه بل إنّ كلام المعصوم حجّة لذا فقوله -صلوات الله عليه-: (ما لا يناله المتشحّط في سبيل الله) يكشف عن إحدى الخصائص الحسينية العظيمة.
ونقل سماحته بعض الروايات من كتاب (الكامل في الزيارات) وقال: في هذا الكتاب الشريف يقول الإمام الصادق –عليه السلام– حول من يحيي شعيرة من الشعائر الحسينية إذا سمع بشارة الملائكة له: (لأقَمْتَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ صلوات الله عليه) مع العلم بأن السلطات الجائرة آنذاك -وهم الأمويون والعباسيون وشرطتهم- كانت تتربص بالزوّار لتفتك بهم ولكن مع ذلك كله كان الإمام الصادق يحثّ ويشجّع على زيارة الإمام الحسين لما لهذه الزيارة من الأجر العظيم والمقام الرفيع عند الله تعالى.
بعدها تطرّق المرجع الشيرازي في محاضرته إلى الحديث عمن يحارب الشعائر الحسينية أو يسعى في عرقلتها أو منعها أو التشكيك فيها وقال: بعد أن أشرنا إلى ثواب إحياء الشعائر تعالوا لننظر ماذا صنع الله -عزّ وجلّ- بأعداء الإمام الحسين –عليه السلام– ففي تفسير الإمام العسكري نقرأ أنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله– دعا الله تعالى وقال: (ألا ولعن الله قتلة الحسين ومحبّيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم).
وفي السياق نفسه قال سماحته: إن الشعائر والقضية الحسينية لو كانت تمحى بالقوة لمحاها هارون والمتوكّل العباسي ولمحاها البعثيون. فقد حارب البعثيون في العراق شعائر الإمام الحسين ثلاثين عاماً والله يعلم كم عدد الذين قتلوا وعذّبوا من أجل الشعائر الحسينية وكم من الدماء أريقت من أجل ذلك؟ حيث لازالت إلى ساعتنا هذه تكتشف المقابر الجماعية في العراق ومع ذلك أين هم البعثيون؟
وتحدث سماحته عن الشبهات حول الشعائر الحسينية حيث قال: إن من الشبهات التي أثيرت حول القضية الحسينية منذ مئات السنين ولازالت تثار من قبل البعض وخصوصاً في العراق اليوم هي قولهم: إن الإمام الحسين قد انتصر فعلام هذا البكاء وهذا الحزن وهذه المجالس وهذه الشعائر؟ وقد رد على هذه الشبهة بقوله: ألم يكن رسول الله -صلى الله عليه وآله- عالماً بذلك فلماذا بكى على الإمام الحسين والإمام لا يزال صغيراً أو قبل أن يأتي إلى الدنيا؟ ولماذا أقام العزاء عليه في بيت الإمام أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء –صلوات الله عليهما– ليلة زواجهما؟ وهذه من السنن الحسنة التي آمل من الشباب الأعزاء أن يعملوا بها ليلة زواجهم كي ينالوا البركات الكثيرة في حياتهم الزوجية.
كما أردف قائلاً: إنّ محاربة الشعائر الحسينية مسألة غير مقتصرة على التقصير بل تشمل حتى القصور وهذا الأمر وإن كان عن قصور ولم يعاقب عليه صاحبه في الآخرة فإنه لا شك يحرق تاريخ صاحبه كله سواء كانت كلمة واحدة مقصودة أو غير مقصودة أو كانت أكبر من ذلك. وبعبارة أخرى إن الذي يتعرّض للقضية الحسينية حتى بمقدار رأس إبرة فإنه يحرق تاريخه كله بيديه.
وأكّد دام ظله: إن قضية الإمام الحسين-عليه السلام- قضية لا يُدرَك غورها أبداً وإن العلماء بالنسبة إلى القضية الحسينية المقدسة هم جهلة حتى أكابرهم وأعاظمهم. فهي قضية عظمى واستثنائية لا يعلم أسرارها وعظمتها إلاّ الله تعالى والمعصومون -صلوات الله عليهم- فالإمام الصادق–عليه السلام– يقصد من قوله الذي ذكرته آنفاً (مَا لا يَنَالُهُ الْمُتَشَحِّطُ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هو أن مقام شهداء بدر ليس مثل مقام من يعظّم الشعائر الحسينية ويحييها يعني أنه أرفع مقاماً من شهداء بدر.
وختم المرجع الشيرازي كلمته مخاطباً الحضور وجميع المؤمنين والمؤمنات: إنني وانطلاقاً من واجبي الشرعي أشكركم على إقامتكم العزاء في الأيام العشرة الأولى من المحرّم وأشكر كل المؤمنين والمؤمنات في جميع مناطق العالم على إقامتهم العزاء الحسيني والشعائر الحسينية وما تعرّضوا له من الأذى في ذلك وتحمّلوا المشاكل التي لا تعادل المشاكل التي تحمّلها المؤمنون في زمن الإمام الصادق والإمام الهادي من قبل سلاطين بني أمية وبني العباس وأدعوا لكم ولهم بأن يديم الله تعالى هذا الفخر وهذه العزّة وهذه الفضيلة وهي إقامة الشعائر الحسينية التي فيها خير الدنيا والآخرة أسأله تبارك وتعالى أن يديمها عليكم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات وأن يجعلها في ذريّتكم وذريّة جميع المؤمنين والمؤمنات. وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
كما استعرض سماحته في محاضرته الثانية:
ما ذكره المرحوم العلاّمة المجلسي -قدّس سرّه- في البحار في كتاب الصلاة: من أن الإمام الحسين –عليه السلام– كان يدعو الله تعالى بقوله: (اللهم وأعذ أولياءك من الافتتان بي وفتّنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء والاستخلاص بسلوك طريقتي واتّباع منهجي) وقال: إن معنى كلام الإمام –في دعائه- فهو: إلهي امتحن أولياءك بواسطتي وأخرجهم من هذا الامتحان ناجحين وذلك بأن يسيروا على طريقتي ويتّبعوا منهجي وعملي. وإن المقصود من كلام الإمام –عليه السلام– هو أن يتعلّموا منه تبيان الحقّ وعدم كتمانه وليس فقط مقارعة الظالمين والجهاد ضد الطواغيت.
وقال سماحته: إن من أهم الأمور بالنسبة لأهل العلم سواء كانوا وعّاظاً أو خطباء أو مبلّغين أو أساتذة هو أن يعلموا جيّداً بأن عملهم يختلف عن عمل باقي الناس، فعمل أهل العلم هو تعليم الناس الدين وإن من أبرز مصاديق تعليم الدين وأهمها: تبيين الحقّ وترك كتمان الحق. وهذا الأمر يضاعف مسؤولية العلماء وأهل العلم لأنه إذا صلح العلماء صلح الناس وإذا فسد العلماء فسد الناس وفسد دينهم. ويجب أن يكون تناسب بين المسؤولية والمقام بالنسبة لأهل العلم. فالعالم مسؤوليته تعليم الدين للناس وليس عليه بالضرورة أن يتحقّق الهدف من عمله أن يكون الناس متديّنين فالكثير من الأصحاب الذين عاشوا مع رسول الله –صلى الله عليه وآله– خرجوا بعد رحيله طالحين. فمسؤولية العلماء وأهل العلم هي إلقاء الحجّة على الناس بتعليم الدين سواء صلح الناس أو لم يصلحوا.
وأكد سماحته: إن الحكّام –كشداد أو فرعون– لا يقدرون على اللعب بالدين وهكذا الأمر بالنسبة للتجّار مثلاً وغيرهم من سائر الناس أما رجل الدين والعالم فإنه يستطيع أن يلعب بالدين وأن يكتم الحق أو يبيّنه.
وأشار سماحته إلى دور العالم وخطورة هذا الدور وقال: إن مثل العالم كمثل المقاتل الذي يكون على قمة الجبل. فالمقاتل عندما يكون على قمة الجبل يتمكّن بكل سهولة أن يدفع عنه الضرر والأذى الذي يتمثّل بالعدو الصاعد إليه ولكن إذا انزلقت رجله فإنه سيسقط من قمّة الجبل وتتكسّر وتتلاشى كل أعضاؤه وربما لا يبقى أثر من جسمه. فقمّة الجبل بالنسبة لأهل العلم تعني العلم ومقام العلم ومقام العلماء.
وفي سياق كلمته تطرّق سماحته إلى قضية الإمام الحسين –عليه السلام– وقال: إن الله سبحانه وتعالى جعل قضية الإمام الحسين قضية استثنائية فبواسطة القضية الحسينية المقدسة يدخل الناس الجنة سريعاً وبسببها أيضاً يدخلون النار سريعاً -والعياذ بالله- وهذا يصدق على أهل العلم أيضاً. فأهل العلم يبتلون بمسائل وأمور كثيرة على طول السنة ولكن من أهم موارد الابتلاءات التي تواجههم في شهري محرم وصفر ويُمتحنون بها قضية الإمام الحسين –عليه السلام–.
وأكّد دام ظله: إن مسؤولية أهل العلم وخصوصاً في شهري محرم وصفر أن يلتزموا بنهج الإمام الحسين في تبيين الحقّ وترك كتمان الحقّ كل حسب قدرته وطاقاته وعليهم أن يحذروا من اللعب بالدين وهذا الأمر بأيديهم. ففي شهر محرم وشهر صفر على أهل العلم أن يتوسّلوا إلى الله تعالى ويطلبوا منه التوفيق في العمل على تبيين الحقّ وترك كتمانه وأن يطلبوا من الإمام الحسين ومن الإمام المهدي أن تشملهم رعايتهما بأن يوفّقوا للعمل على تبيين الحق وعدم كتمانه وأن يكونوا كأبي ذر الغفاري الذي بيّن الحق ولم يكتمه فكلّفه ذلك أن نُفي ومات من الجوع حيث لم يكن عنده حتى قرص واحد من الخبز.
وختم المرجع الشيرازي -دام ظله- كلمته بقوله: أسأل الله تعالى ببركة مولانا الإمام المهدي –عجّل الله تعالى فرجه الشريف– أن يوفّقنا للعمل بمسؤوليتنا بالأخصّ في شهري محرم وصفر وأن نتحمّل المشاكل في ذلك ونصبر على المصاعب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433