إصدارات جديدة: عن الرحلات والموت
الكتاب: سبع سماوات.. رحلات في الجزائر والعراق والهند والمغرب وهولندا ومصر
الكاتب: سعد القرش
الناشر: دار السويدي للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 179 صفحة متوسطة القطع
عرض: جورج جحا
شبكة النبأ: يتحدث الكاتب المصري سعد القرش في عمله الصادر أخيرا عن رحلات الى بلدان عربية وأجنبية بعد مقدمة مؤثرة عن الشعور بقرب الموت من الانسان في حله وترحاله.
كتاب سعد القرش الذي جاء في 179 صفحة متوسطة القطع حمل عنوان "سبع سماوات.. رحلات في الجزائر والعراق والهند والمغرب وهولندا ومصر". والكتاب الذي نشر اخيرا والصادر عن دار السويدي للنشر والتوزيع في ابوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة حائز على جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة 2008-2009. بحسب رويترز.
يكتب سعد القرش عن البلدان وزياراته لها "من القلب".. قلبه هو وفكره ومن قلب البلد الذي يتحدث عنه ولا يكتفي بصور سطحية وتفاصيل متنوعة.. انه يريد اكثر من ذلك وقد استطاع تحقيق هذا "الأكثر".
ولا يقل عن ذلك جمالا وامتاعا ما كتبه كمدخل لكتابه. تقديم لكتاب حمل عنوان "نافذة على ارواح". وقد كتب قبل التغييرات التي شهدتها مصر منذ عام من الزمن حتى الان.
قال سعد القرش "لست مولعا بالسفر. ليس خوفا من خطر الموت المرتبط بالحوادث. ففي مصر اصبحت النجاة من موت متربص بمواطنين زائدين على حاجة النظام الحاكم اعجوبة نفوز بها كل مساء حين نعود الى بيوتنا سالمين.
"الطرق في مصر شباك لاصطياد الارواح بيد ملاك الموت. وقد عودت نفسي كل يوم على توقع الموت. قبل النوم.. قبل الذهاب الى العمل.. قبل الانتقال من القاهرة الى اي مدينة اخرى.. قبل السفر الى الخارج.. استعد للموت وانا في سلام مع النفس ومع الاخرين حتى الاعداء او الذين يتصورون انهم كذلك. لا اكره اعدائي وانما استبعدهم من مجال الرؤية كأنهم غير موجودين لا محبة ولا كراهية."
اضاف الكاتب الذي ما زال في مرحلة من عمر الشباب يقول "لكنني قبل كل سفر اتمنى الغاءه. اشعر بالانقباض. حدث مرتين ان عدت من المطار وأنا في طريقي الى بلد خليجي وكنت سعيدا. لم يكن مصدر السعادة فوزا بحياة او استبقاء لبعضها او رهبة من الموت لكنه احساس غامض لا اعرف له تفسيرا.
"قبل ثلاثة ايام من سفري الى الهند للمرة الثانية (2008) اشتريت لاولادي سيارة... فاجأت اولادي بالسيارة يقودها اخي ايوب. لم اخبرهم حتى بعد رجوعي من نيودلهي انني شعرت بملاك الموت ينتظرني في بلاد غاندي وأردت اعفاءهم من عناء شوارع القاهرة. في تلك المرة أخطأني الملاك."
وتحدث عن ادب الرحلة فقال "ادب الرحلة هو فائض محبة. لم اضبط نفسي مضطرا لقول ما لا اريد. استبق الزمن ناظرا الى الامام مئة عام وأضع نفسي مكان قارىء لم يولد بعد. سيكون قاسيا في حكمه وأتفادى ان يصفني بالكذب حين يقرأ لي شيئا عن بلد لم احبه بقدر كاف يحملني الى الكتابة عنه.
"زرت بلادا جميلة او تبدو كذلك ولم تلتقط نفسي الاشارة.. تلك الذبذبة الخاصة بروح المكان وتأجلت الكتابة الى حين او الى الابد. كما تكررت زيارتي لبلاد لم تتجاوز العين الى قلب يجب ان يفيض بمحبتها اولا. اكرر اذن ان هذه الفصول كتبت بتلقائية عقب كل رحلة. فكرت في اعادة كتابتها تمهيدا لنشرها في هذا الكتاب ثم تراجعت ففي اعادة النظر في الكتابة الطازجة لا تكون الرحلة هي الرحلة ولا انا انا بل شخصا اخر يكتب عن رحلة الرحلة والذات بعقل منهجي بارد وبطبعي لا احب البرود في البشر او الكتابة التي احبها متوهجة حية نابضة بالدماء. لن اعيد كتابة الفصول حتى لا احذف منها الكثير او انسف فكرة الكتاب اصلا.
"وحسبي ما ذكره العماد الاصفهاني.. (اني رأيت انه لا يكتب انسان كتابا في يومه الا قال في غده لو غير هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ولو ترك هذا لكان اجمل. وهذا من اعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر)."
ومن نماذج ما كتبه سعد القرش في رحلاته رؤيوية عميقة ودخول كما قلنا الى الروح -روح الكاتب وروح المكان- يشمل الماضي والحاضر والاتي. يقول "من شرفة الغرفة بالفندق على نهر دجلة كأنها عروس ذات مليون نخلة. بين النخيل الذي يلامس السماء بكبرياء نبتت بيوت وبشر ونما جيل على ثقافة المرارة واعلامها. يعلم الله وحده ماذا سيفعل هذا الجيل بالعراق بعد ربع قرن او كيف "يتصرف" العراق مع هذا الجيل."
ونقرأ بعض ما كتبه عن الجزائر حيث يقول "الجزائر تمتد كلوحة تلخص التاريخ ضد فكرة الاستقامة والبعد الاحادي. شيء من التعقيد يمنحها غموضا يجعلها اقرب الى فكرة العناد والاستعصاء. فما الذي اوقعها تحت الاحتلال لاكثر من 130 عاما.. افكر وانا اتطلع الى الشوارع والازقة والجبال والاشجار. اتساءل.. كيف ينام مستعمر قرير العين في مثل هذه الجغرافيا."
ويتحدث عن الهند في غور الى داخل النفس الهندية فيقول "يتشابه الهنود في قيم عليا.. الذوق الرفيع والابتسام غير المصطنع وقلة الكلام وانخفاض الصوت والصبر وعدم العجلة رغم عدم انتمائهم ولا معرفتهم بثقافتنا العنيفة التي تقول تقول ان العجلة من الشيطان.
"يتقاطع الثراء والفقر في اكثر من مساحة اعمقها الفنون وحب الحياة. فمن لا يحبون الحياة ستظل عيونهم مغلقة باتساع الجحيم."
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/كانون الأول/2011 - 26/محرم الحرام/1433
الكتاب: سبع سماوات.. رحلات في الجزائر والعراق والهند والمغرب وهولندا ومصر
الكاتب: سعد القرش
الناشر: دار السويدي للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 179 صفحة متوسطة القطع
عرض: جورج جحا
شبكة النبأ: يتحدث الكاتب المصري سعد القرش في عمله الصادر أخيرا عن رحلات الى بلدان عربية وأجنبية بعد مقدمة مؤثرة عن الشعور بقرب الموت من الانسان في حله وترحاله.
كتاب سعد القرش الذي جاء في 179 صفحة متوسطة القطع حمل عنوان "سبع سماوات.. رحلات في الجزائر والعراق والهند والمغرب وهولندا ومصر". والكتاب الذي نشر اخيرا والصادر عن دار السويدي للنشر والتوزيع في ابوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة حائز على جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة 2008-2009. بحسب رويترز.
يكتب سعد القرش عن البلدان وزياراته لها "من القلب".. قلبه هو وفكره ومن قلب البلد الذي يتحدث عنه ولا يكتفي بصور سطحية وتفاصيل متنوعة.. انه يريد اكثر من ذلك وقد استطاع تحقيق هذا "الأكثر".
ولا يقل عن ذلك جمالا وامتاعا ما كتبه كمدخل لكتابه. تقديم لكتاب حمل عنوان "نافذة على ارواح". وقد كتب قبل التغييرات التي شهدتها مصر منذ عام من الزمن حتى الان.
قال سعد القرش "لست مولعا بالسفر. ليس خوفا من خطر الموت المرتبط بالحوادث. ففي مصر اصبحت النجاة من موت متربص بمواطنين زائدين على حاجة النظام الحاكم اعجوبة نفوز بها كل مساء حين نعود الى بيوتنا سالمين.
"الطرق في مصر شباك لاصطياد الارواح بيد ملاك الموت. وقد عودت نفسي كل يوم على توقع الموت. قبل النوم.. قبل الذهاب الى العمل.. قبل الانتقال من القاهرة الى اي مدينة اخرى.. قبل السفر الى الخارج.. استعد للموت وانا في سلام مع النفس ومع الاخرين حتى الاعداء او الذين يتصورون انهم كذلك. لا اكره اعدائي وانما استبعدهم من مجال الرؤية كأنهم غير موجودين لا محبة ولا كراهية."
اضاف الكاتب الذي ما زال في مرحلة من عمر الشباب يقول "لكنني قبل كل سفر اتمنى الغاءه. اشعر بالانقباض. حدث مرتين ان عدت من المطار وأنا في طريقي الى بلد خليجي وكنت سعيدا. لم يكن مصدر السعادة فوزا بحياة او استبقاء لبعضها او رهبة من الموت لكنه احساس غامض لا اعرف له تفسيرا.
"قبل ثلاثة ايام من سفري الى الهند للمرة الثانية (2008) اشتريت لاولادي سيارة... فاجأت اولادي بالسيارة يقودها اخي ايوب. لم اخبرهم حتى بعد رجوعي من نيودلهي انني شعرت بملاك الموت ينتظرني في بلاد غاندي وأردت اعفاءهم من عناء شوارع القاهرة. في تلك المرة أخطأني الملاك."
وتحدث عن ادب الرحلة فقال "ادب الرحلة هو فائض محبة. لم اضبط نفسي مضطرا لقول ما لا اريد. استبق الزمن ناظرا الى الامام مئة عام وأضع نفسي مكان قارىء لم يولد بعد. سيكون قاسيا في حكمه وأتفادى ان يصفني بالكذب حين يقرأ لي شيئا عن بلد لم احبه بقدر كاف يحملني الى الكتابة عنه.
"زرت بلادا جميلة او تبدو كذلك ولم تلتقط نفسي الاشارة.. تلك الذبذبة الخاصة بروح المكان وتأجلت الكتابة الى حين او الى الابد. كما تكررت زيارتي لبلاد لم تتجاوز العين الى قلب يجب ان يفيض بمحبتها اولا. اكرر اذن ان هذه الفصول كتبت بتلقائية عقب كل رحلة. فكرت في اعادة كتابتها تمهيدا لنشرها في هذا الكتاب ثم تراجعت ففي اعادة النظر في الكتابة الطازجة لا تكون الرحلة هي الرحلة ولا انا انا بل شخصا اخر يكتب عن رحلة الرحلة والذات بعقل منهجي بارد وبطبعي لا احب البرود في البشر او الكتابة التي احبها متوهجة حية نابضة بالدماء. لن اعيد كتابة الفصول حتى لا احذف منها الكثير او انسف فكرة الكتاب اصلا.
"وحسبي ما ذكره العماد الاصفهاني.. (اني رأيت انه لا يكتب انسان كتابا في يومه الا قال في غده لو غير هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ولو ترك هذا لكان اجمل. وهذا من اعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر)."
ومن نماذج ما كتبه سعد القرش في رحلاته رؤيوية عميقة ودخول كما قلنا الى الروح -روح الكاتب وروح المكان- يشمل الماضي والحاضر والاتي. يقول "من شرفة الغرفة بالفندق على نهر دجلة كأنها عروس ذات مليون نخلة. بين النخيل الذي يلامس السماء بكبرياء نبتت بيوت وبشر ونما جيل على ثقافة المرارة واعلامها. يعلم الله وحده ماذا سيفعل هذا الجيل بالعراق بعد ربع قرن او كيف "يتصرف" العراق مع هذا الجيل."
ونقرأ بعض ما كتبه عن الجزائر حيث يقول "الجزائر تمتد كلوحة تلخص التاريخ ضد فكرة الاستقامة والبعد الاحادي. شيء من التعقيد يمنحها غموضا يجعلها اقرب الى فكرة العناد والاستعصاء. فما الذي اوقعها تحت الاحتلال لاكثر من 130 عاما.. افكر وانا اتطلع الى الشوارع والازقة والجبال والاشجار. اتساءل.. كيف ينام مستعمر قرير العين في مثل هذه الجغرافيا."
ويتحدث عن الهند في غور الى داخل النفس الهندية فيقول "يتشابه الهنود في قيم عليا.. الذوق الرفيع والابتسام غير المصطنع وقلة الكلام وانخفاض الصوت والصبر وعدم العجلة رغم عدم انتمائهم ولا معرفتهم بثقافتنا العنيفة التي تقول تقول ان العجلة من الشيطان.
"يتقاطع الثراء والفقر في اكثر من مساحة اعمقها الفنون وحب الحياة. فمن لا يحبون الحياة ستظل عيونهم مغلقة باتساع الجحيم."
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/كانون الأول/2011 - 26/محرم الحرام/1433